بقلم د. نعمه سويد
يُعد الشعير من أقدم وأكثر المحاصيل زراعةً في العالم، وتتخطى شهرته شهرة الأرز في بعض المناطق، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر الشعير من أكثر الحبوب المستخدمة في الأنظمة الغذائية، وقد أدرك أجدادنا منذ قديم الزمان فوائده التي لا حصر لها؛ فاستخدموه كعلاج لكثير من الأمراض، وإكسير يمدهم بالطاقة والحيوية.
ونظراً للفوائد الغذائية المتعددة، يُطلق عليه اسم ( ملك الحبوب )، ويرجع ذلك لأهميته كمصدر لكثير من العناصر الغذائية المفيدة للجسم، في هذا المقال سنتعرف على الفوائد الغذائية، والفوائد الصحية، وفوائده للحامل، وكذلك فوائد الشعير للتخسيس، بالإضافة لبعض الوصفات الصحية لك ولطفلك يمكنك عملها بسهولة في المنزل.
بداية ما هي القيم الغذائية للشعير التي تجعله ذات أهمية لهذه الدرجة؟
الشعير من الحبوب الغذائية الكاملة والتي تحتوي على العديد من العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم بشكل يومي، سواء كان مقشور أو غير مقشور فهو يحتوي على بروتين، وكربوهيدرات، ودهون، وألياف ( قابلة للذوبان، وغير قابلة للذوبان). ويحتوي أيضاً على العديد من المعادن والأملاح والفيتامينات الهامة للجسم مثل الحديد، والفسفور، والكالسيوم، والماغنسيوم، والسيلينيوم،والبوتاسيوم، والصوديوم، وكذلك فيتامين ب المركب، وغيرها من العناصر الغذائية المطلوبة للجسم للقيام بوظائفه الحيوية.
وفيما يلي بعض القيم الغذائية الموجودة في 100 جم من الشعير المقشور وغير المقشور:
العناصر الغذائية | الشعير غير المقشور | الشعير المقشور | الكميات الموصى بها يومياً للبالغين |
الطاقة ( كالوري) | 354 | 352 | 1,600–3,000 |
بروتين ( جم) | 12.5 | 9.9 | 46–56 |
الدهون ( جم ) | 2.3 | 1.2 | 20–35 |
الكربوهيدرات ( جم ) | 73.5 | 77.7 | 45–65 |
الألياف ( جم ) | 17.3 | 15.6 | 22.4–33.6 |
الكالسيوم ( مجم ) | 33 | 29 | 1,000–1,200 |
الحديد ( مجم ) | 3.6 | 2.5 | 8–18 |
الماغنسيوم ( مجم ) | 133 | 79 | 320–420 |
الفوسفات ( مجم ) | 264 | 221 | 700 |
البوتاسيوم ( مجم ) | 452 | 280 | 4,700 |
الصوديوم ( مجم ) | 12 | 9 | 2,300 |
المنجنيز ( مجم ) | 1.9 | 1.32 | 1.8–2.3 |
السيلينيوم ( ميكروجم) | 37.7 | 37.7 | 55 |
فوليك أسيد ( ميكروجم) | 19 | 23 | 400 |
الشعير وفوائده:
ونظراً للقيم الغذائية العالية الموجودة فإنه مصدر جيد للطاقة ويقي الجسم من الكثير من الأمراض والتي يمكن حصر بعضها فيما يلي:
- الشعير وفوائده في الوقاية من أمراض القلب:
يحتوي على الفيتامينات والمعادن الهامة لصحة القلب والجهاز الدوري وتعزيز عملها؛ ومن أمثلة هذه الفيتامينات: فيتامين B المركب، وحمض الفوليك، والبوتاسيوم مع نقص الكوليستيرول ووجود الدهون المفيدة للجسم في الشعير، جميعها مفيدة لصحة القلب والأوعية الدموية .
وقد أثبتت الدراسات أن تناول المواد الغذائية التي تحتوي على فيتامين B وحمض الفوليك، يقلل من تكون مادة تسمى الهوموسيستين ( Homocysteine )، والتي يعمل وجودها في الجسم بنسب عالية على زيادة الإصابة بأمراض القلب مثل ارتفاع ضغط الدم وما يترتب عليه من أمراض أخرى.
كما أن احتواءه على عناصر مثل الحديد وحمض الفوليك مهم جداً في تكوين خلايا الدم الحمراء، والتي تساعد على إمداد خلايا الجسم بالأكسجين والمواد الغذائية اللازمة لها، بالإضافة إلى عناصر مثل المنجنيز السيلينيوم يساعد في تجديد الخلايا التالفة، كما يقوي عمل جهاز المناعة.
كما أن احتواء الشعير على الألياف ( الألياف غير القابلة للذوبان ) يساعد على تقليل امتصاص الدهون في الطعام، والذي بدوره يقلل دخول كميات من الكوليستيرول للجسم، ووجود الألياف ( القابلة للذوبان ) مثل البيتا جلوكان يرتبط بالدهون السيئة أو ال ( Bad cholesterol ) والتي توجد في التحاليل باسم LDL، ويقلل ارتباطها بالعصارة الصفراوية ويحمي الجسم من أخطارها.
- الشعير وفوائده في تقوية العظام:
يحتوي على الكالسيوم والفوسفور والنحاس والماغنسيوم اللازمة لقوة العظام وزيادة كثافتها
- الشعير وفوائده في الوقاية من الأمراض السرطانية:
يحتوي على السيلينيوم والذي يعمل على تقليل الالتهابات، ولذلك له دور فعال في الحد من السرطانات الناتجة عن زيادة الالتهابات، كما هو الحال في مرض كرونز (Crohn’s disease)، والذي كشفت الدراسات أن المصابين به نتيجة لزيادة الالتهابات هم عرضة لتحور ال DNA وتحول الخلايا إلى خلايا سرطانية. تقليل الالتهابات بواسطة السيلينيوم الموجود في الشعير يحد من هذا التحور في خلايا ال DNA.
كما أن السيلينيوم مادة مضادة للأكسدة تقلل من الشوائب الحرة، والتي تضر الخلايا وتساعد في تكون الخلايا السرطانية. بالإضافة لاحتواء الشعير على الألياف والتي تساعد على حركة الأمعاء والجهاز الهضمي عموماً، وبالتالي تقلل من الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
- فوائده في عمليات الديتوكس ( Detoxification ):
يحتوي على مادة البيتا جلوكان والتي تعد من المواد الشهيرة المستخدمة في تخليص الجسم من السموم، حيث تعمل على تنظيف الجسم من المواد الضارة، لذلك فإن الشعير مفيد جدا في عمليات الديتوكس.
- الشعير وفوائده لحصى الكلى والتهابات المسالك البولية:
يعمل ماء الشعير كمدر قوي للبول، فيخلص الجهاز البولي من نمو أي بكتيريا به، ويحافظ على ترطيبه، وكذلك يخلص الكلى من الحصوات ويقلل من تكونها، وبالتالي يستخدم كعلاج منزلي، وينصح بتناول ثلاثة أكواب يومياً لمرضى التهاب المسالك البولية وحصوات الكلى.
- الشعير وفوائده لمرضى السكري:
يحتوي على الألياف والتي تعتبر أحد أنواع الكربوهيدرات، ولكنها من الكربوهيدرات المعقدة ( الجيدة )، والتي تمنع ارتفاع الجلوكوز في الدم فجأة وبصورة كبيرة ( Glucose spikes )، والتي تعد أكبر المشاكل المسببة لمرض السكري من النوع الثاني. وقد أثبتت الدراسات أن الشعير يعمل على تقوية البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء( يعمل كبروبيوتك Probiotics ) والتي لها دور كبير في ضبط نسب السكر التي تصل للدم، وكذلك يقلل من البكتيريا الضارة، فيعمل على تحسين الهضم وتقليل المشكلات المترتبة على عسر الهضم، والإمساك، والإسهال.
- فوائد الشعير للتخسيس:
نظراً لانه يحتوي على نسبة عالية من الألياف القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، والتي تساعد في عمل الجهاز الهضمي، فهي تزيد من حركة الأمعاء، وتقلل امتصاص الدهون، كما تعمل على إعطاء الشعور بالامتلاء و الشبع فتقلل الشهية أو الرغبة الشديدة للأكل، فتساعد على خسارة الوزن بطرق صحية، بعيداً عن أي منتجات كيماوية قد يكون لها آثار جانبية على الصحة.
استخدام وصفات الشعير بالإضافة إلى نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية يساعدك في التخلص من تلك الدهون الزائدة، فحاولي إدخال شراب أو مغلي الشعير وكذلك الوصفات الأخرى ( والتي سنتحدث عنها لاحقاً ) لنظامك الغذائي، وستحصلين على نتائج مذهلة.
الشعير وفوائده للحامل:
في البداية دعونا نتسائل هل الشعير آمن على الحمل؟
مثله مثل باقي أنواع الأعشاب والأغذية، الاستخدام المعتدل منه لا يضر، والإكثار منه أقل فائدة وقد يكون أكثر ضرراً، لذلك التوسط والاعتدال في استخدامه من الأمور الجيدة، فالإكثار من استخدامه في شكله الخام الذي قد يحتوي على بكتيريا، لعدم خضوعه لعمليات التنقية، قد يعرضك للإصابة ببعض الأمراض أو الحساسية، خصوصاً مع نقص المناعة في فترة الحمل.
لماذا ينصح الأطباء باستخدام الشعير في فترة الحمل؟
نظراً لفوائده العديدة السابق ذكرها، انتشر استخدام الشعير في فترة الحمل والتي يمكن تطبيقها على الحامل كما يلي:
- الشعير وفوائده في التخفيف من مشاكل الجهاز الهضمي في فترة الحمل: نظراً لأنه غني بالألياف، يعمل على سهولة حركة الجهاز الهضمي للحامل، وبالتالي تقليل الإمساك وكذلك البواسير المترتبة على الإمساك، والتي تعد من الأمراض المزعجة الشائعة تلك الفترة.
- الشعير وفوائده في تقليل التشوهات ( تقليل عيوب الأنبوب العصبي ): ( Neural tube defects ) يحتوي على كميات من حمض الفوليك وأملاحه، والتي نقصها يُعد السبب الأساسي في عيوب الأنبوب العصبي عند الجنين.
- الشعير وفوائده في تخليص الجسم من السوائل الزائدة: يعمل كمدر للبول، فيخلص جسمك من السوائل الزائدة، والتي يعمل تواجدها على تورم وانتفاخ الجسم والذي يظهر في الوجه والقدمين.
- الشعير وفوائده في التقليل من الالتهابات عند الحامل: أثبتت الدراسات أنه يحتوي على مواد مضادة للالتهابات ( السيلينيوم )، فيقلل من إحساس الحرقان في المعدة، كما يعمل السيلينيوم كمادة مضادة للأكسدة تخلص الجسم من السموم والشوائب الحرة.
- الشعير وفوائده في تقليل الإصابة بأمراض القلب: تساعد الألياف الموجودة فيه في تقليل الكوليستيرول في الدم، وكذلك رفع نسب الدهون الجيدة ( Good cholesterol )، وخفض مستويات الدهون السيئة ( Bad cholesterol )، وبالتالي يقلل من نسب الإصابة بأمراض القلب كارتفاع ضغط الدم الشائع في فترة الحمل.
- الشعير وفوائده في ضبط مستويات السكر في الحمل: يعد من الحبوب التي تحتوي على الكربوهيدرات الجيدة، والتي لا تسبب ارتفاع مفاجئ في مستوى سكر الدم، ولذلك فهو غير ضار في حال كنت تعانين من سكر الحمل، كما أن الألياف الموجودة به تقلل من امتصاص السكر في الأمعاء.
ولكن هل كل هذه الفوائد للشعير في الحمل يعني أنه آمن في جميع الحالات؟
في معظم الأحيان يعد استخدامه آمن وليس له آثار جانبية إذا استخدم بطريقة معقولة في فترة الحمل، أما في حال زيادة استخدام الشعير قد يسبب انتفاخات في البطن وغازات، ويجب عليك تجنب الشعير إذا كان لديك حساسية من مادة الجلوتين أو الأرز ( مرض السلياك )، كذلك لا يجب استخدام الشعير الخام إذا كنت تعانين من نقص شديد في المناعة.
وفيما يلي بعض الوصفات البسيطة للشعير والتي يمكن عملها في المنزل:
- ماء الشعير المغلي: ( شراب الشعير)
الطريقة: اغسلي ربع كوب من حبوب الشعير، وانقعيه في كمية مناسبة من الماء لبضع ساعات، صفي ماء النقع وأضيفي ثلاث أكواب من الماء للشعير، وضعيه على النار ينضج، حتى تصبح الحبوب طرية، وتزول عكارة الماء، صفي الماء واستخدميها كمشروب يمكن إضافة القليل من الملح أو السكر أو العسل وعصير الليمون لتحسين الطعم، كما يمكنك إضافة الأنواع المختلفة من النكهات. ويمكنك استخدام الحبوب المتبقية مع سلطة الخضروات كمصدر غني بالألياف.
- مهروس الشعير للرضع والأطفال: ( التلبينة )
نظراً للفوائد العديدة للشعير، فإن استخدامه لرضيعك أو طفلك يعد من الأمور الجيدة، فهو يزوده بالعديد من العناصر الغذائية اللازمة لنموه، وكذلك يعزز من نشاط الجهاز المناعي عند الأطفال ويقلل من الإصابة بالأمراض، ويحسن من وظائف الجهاز الهضمي، وقد نصح الرسول صلى الله عليه وسلم بالتلبينة، والتي سميت بهذا الاسم نظراً للون الأبيض الذي يشبه اللبن.
الطريقة: ( يمكن استخدامها للأطفال من عمر ستة أشهر )
اطحني ربع كوب من الشعير بالخلاط حتى يصبح ناعم جداً مثل البودرة ، وضعي كوب ماء على النار حتى يغلي، ثم ضيفي الشعير المطحون واتركيه لمدة 15-20 دقيقة على نار هادئة، وبعدها اتركيه ليبرد قبل أن تقدميه لطفلك، كما يمكنك إضافة بعض من اللبن سواء لبن الأم في حال كان رضيع، أو أنواع الألبان المختلفة للأطفال، ولا يفضل إضافة أي محسنات طعم مثل السكر والملح للرضع.
- خبز الشعير بدون قمح للرجيم:
ليس فقط للرجيم، ولكن يعد خبز الشعير أيضاً بديل صحي لخبز القمح، فهو يحتوي على الكثير من العناصر الغذائية، بالإضافة أنه لا يسبب الارتفاع المفاجئ في سكر الدم، ولا يحتوي على نفس السعرات التي يحتويها القمح أو الدقيق الأبيض.
المكونات: 2 كوب دقيق شعير، 2 كوب ماء، 2 كوب من الحليب ( ويمكن استبدالها بالماء في حال الإصابة بحساسية الألبان، والرجيم لتقليل السعرات الحرارية)، ملعقة صغيرة من الملح، 2 ملعقة كبيرة من زيت الزيتون.
الطريقة: توضع جميع المكونات في خلاط كهربائي وتخلط جيداً إلى أن يصبح قوامها أخف من عجينة الكيكة، ويمكنك تسويتها في طاسة أو صاج مثل الكريب، ادهني الطاسة الساخنة بالقليل من زيت الزيتون واتركيها على نار هادئة، و استخدمي قالب صغير أو مغرفة لوضع العجين في الطاسة، واتركيها لمدة دقيقة على الأقل، أو إلى أن تصبح سهلة النزع، واقلبيها على الجانب الآخر وهكذا، وهذه طريقة بسيطة لصنع خبز الشعير بدون قمح.
وفي النهاية بعد أن تعرفنا على الشعير وفوائده الغذائية والصحية، وفوائد الشعير للحامل والرضع والأطفال، وكذلك فوائد الشعير للتخسيس، فإن هذا بعض من كل فمازال للشعير الكثير من الفوائد، ومازالت الأبحاث تكتشف فوائد أكثر، فهو مناسب لجميلتي ولطفلها وكل أفراد الأسرة، إذا أُضيف إلى العادات الصحية الأخرى كممارسة الرياضة بانتظام، والحرص على غذاء صحي، والبعد عن الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة.