بقلم د. مروة حلمي
تُعد صحة الفم والأسنان جزءً لا يتجزأ من الصحة العامة ويُعد تسوس الاسنان من إحدى أقدم المشكلات الصحية التي تصيب الإنسان وأكثرها انتشاراً على مستوى العالم، فما هو تسوس الاسنان ؟ وما أسبابه وعلاجه؟ وكيف يمكن الوقاية منه؟
دعونا نقترب أكثر فى هذا المقال ونلقي الضوء على هذه المشكلة التي تصيب أسنان الصغار والكبار على حد سواء ونتعرف على العوامل المسببة لها وكيف نقي أنفسنا وأطفالنا منها.
تعريف تسوس الاسنان
تُصاب الاسنان بضرر دائم يحدث في السطح الصلب للسن مؤدياً إلى تكون ثقوب صغيرة أو تجاويف سنية تُعرف بتسوس الاسنان .
إهمال تلك التجاويف السنية وعدم معالجتها لدى طبيب الأسنان المختص يسبب انتشار التسوس وزيادة حجم التجويف السني وانتشاره في الطبقات الأعمق من السن، فيصل إلى العصب السني مما يسبب آلام شديدة وعدوى بكتيرية وقد يؤدي ذلك إلى فقد السن بالكامل.
الأسباب والعوامل المؤدية إلى التسوس :
اسباب تسوس الاسنان تنشأ تلك المشكلة في الأسنان نتيجة عدة عوامل مجتمعة سوياً وهي وجود بكتيريا الفم، كثرة تناول الأطعمة والمشروبات الغنية بالسكريات وعدم الاهتمام بالعناية والتنظيف اليومي للأسنان.
يحتاج تسوس الاسنان أو ما يُعرف بالتجويف السني فترة من الوقت لحدوثه، ففي وجود بكتيريا الفم وازدياد نشاطها في حال ارتفاع معدل السكر في الفم وعدم تنظيف الاسنان جيدا، تبدأ البكتيريا بالتغذي على تلك السكريات وتكوين اللويحات السنية (Dental Plaque) وهي طبقة رقيقة تغطي الاسنان والتي تلبث أن تتصلب لتكون طبقة أكثر سمكاً وخشونةً تسمى جير الأسنان .
يجعل جير الأسنان اللويحات أكثر صعوبة في إزالتها من على سطح السن، فتقوم الأحماض الموجودة في هذه اللويحات بمهاجمة الطبقة الخارجية للسن(طبقة المينا) وتسبب تآكلها، مما يسهل الطريق أمام بكتيريا الفم للوصول إلى طبقات السن الداخلية وبداية تآكل أسطح السن وحدوث التسوس وتكون التجويف السني.
قد يهمك اسباب تسوس الاسنان اللبنية والامامية عند الاطفال وطرق الوقايه
يزداد تسوس الاسنان عند هذه النقطة، فيستمر تعفن السن وتتقدم البكتيريا في طريقها إلى الطبقات الداخلية المكونة للسن حتى تصل إلى عصب السن(Dental pulp )، وهي الطبقة الداخلية من السن، مما يؤدي للشعور بألم غير محتمل يحتاج تدخل فوري عاجل من طبيب الأسنان .
يتكون الخُراج(Abscess) حول السن في حال انتشار التعفن وتسوس الاسنان مع وصول البكتيريا إلى الأنسجة المحيطة بالسن وكلما استمر التآكل في طبقات الأسنان ، فإن هذه العملية تأخذ في التسارع أكثر وأكثر.
يظهر تسوس الاسنان في الطواحن الخلفية بشكل أكثر شيوعاً في المرضى حيث تحتوي الضروس الخلفية والطواحن على سطح متعرج غير مستوٍ من سطح السن، مما يشكل بيئة ممتازة لتكدس الطعام وصعوبة تنظيفها مقارنةً بالأسنان الأمامية، التي يُسهل الوصول إليها.
هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بتسوس الاسنان ومن بينها:
- أنواع معينة من المأكولات والمشروبات: مثل السكريات والكربوهيدرات، من السهل التصاقها بالأسنان فترات طويلة.
- عدم تنظيف الأسنان وفركها بشكل جيد أو الإهمال في الرعاية اليومية لصحة الفم والأسنان .
- جفاف الفم: يلعب اللعاب دور أساسي في غسل الفم من بقايا الطعام، كما أن المعادن الموجودة فيه تساعد على تقوية ومقاومة الأسنان للتسوس في مراحله الأولى، لذلك نقص اللعاب وجفاف الفم من عوامل الخطر التي تزيد احتمالية الإصابة بتسوس الاسنان .
- الحشوات المركبة والتعويضية: والتي تسهل من تراكم البكتيريا في ثنايا الحشوة خاصة مع الإهمال بالعناية بالفم.
- الإرتجاع المريئي: إذ أن الأحماض المرتجعة من المعدة عن طريق المريء تسبب تآكل في طبقة المينا الخارجية الحامية لسطح السن وتضعفها، مما يسهل غزوها من البكتيريا.
الأعراض المصاحبة لتسوس الاسنان والتشخيص؟
تختلف علامات وأعراض تسوس الاسنان باختلاف شدة التسوس وموضعه، ففي بداية مرحلة التسوس قد لا تعاني من أي أعراض على الإطلاق، ولكن مع تطور التآكل وازدياد حجمه، تبدأ الأعراض والعلامات التالية في الظهور:
- آلام في الأسنان (قد تظهر تلقائية وبدون سبب واضح).
- زيادة حساسية الأسنان .
- بقع بنية اللون وقد تظهر حفر صغيرة أو فجوات في السن يُمكن ملاحظاتها بالعين.
- ألم عند قضم ومضغ الطعام.
- آلام طفيفة أو حادة مع الأطعمة الساخنة أو الباردة أو المحلاة (والتي تنتهي بعد قليل من تناولها).
يُفضل مراجعة طبيبك في حال لاحظت وجود أي من هذه الأعراض لتجنب زيادة انتشار تسوس الاسنان .
يفحص طبيب الأسنان فمك وأسنانك ويقوم بوخز الأسنان بأداة فحص خاصة للتأكد من وجود أماكن رخوة في الأسنان ، وقد تحتاج إلى فحص أسنان بالأشعة السينية(X-ray)
لتحديد التسوس في السطح الجانبي للسن وامتداده.
تسوس الاسنان الأمامية
يصيب تسوس الأسنان كلاً من الأسنان الأمامية والخلفية، إلا أن الأسنان الخلفية (الأضراس) أكثر عرضة للتسوس بسبب تعرضها للأطعمة لفترة طويلة وصعوبة الوصول إليها للتنظيف بالفرشاة أو الخيط الطبي(Dental floss), وعلى الرغم أن الأسنان الأمامية أنعم والوصول إلى تنظيفها أسهل ولكنها ليست محمية ضد التسوس.
أسباب تسوس الاسنان الأمامية
- تراكم البكتيريا في الفم لإهمال تنظيف الأسنان
- زيادة طبقة الجير والكلس على الأسنان الأمامية مما يزيد من التصاق البكتيريا بسطح السن.
- نقص مستوى الكالسيوم في الجسم.
- تناول المشروبات الغازية والسكريات بكثرة.
- التقدم في العمر.
علاج تسوس الاسنان الأمامية:
يعتمد العلاج على مدى إصابة الأسنان ، يستخدم أطباء الأسنان العديد من أشكال العلاج المختلفة، فقد يقوم الطبيب بتصليح السن نفسه باستخدام الفلورايد
أو إزالة الجزء المُصاب من السن وحشوه بحشوات صناعية (لها نفس لون السن في الاسنان الأمامية)، أو أحياناً القيام بعلاج عصب السن في حال إصابته.
يتخلص الطبيب في بعض الأحيان من السن بشكل نهائي عن طريق الخلع واستعاضة تلك السن بأخرى جديدة صناعية في حال استحالة علاجها بالحشوات التقليدية.
ولكن هل يمكن أن يبدأ تسوس الاسنان من الصغر وخاصة فترة الطفولة الأولى؟
يمكن بالفعل أن يصيب التسوس أسنان الأطفال مع بداية ظهور الأسنان في الفم، لذلك يُنصح بالذهاب لإجراء فحص للأسنان مع ظهور أول سن ومتابعة ظهور الأسنان في فم الرضيع لتجنب إصابة الأسنان المبكرة بما يُعرف بتسوس أسنان الرضع.
تسوس الاسنان عند الرضع
يرجع تسوس الاسنان الأمامية في الأطفال الرضع إلى استخدام زجاجات الرضاعة، خصوصًا حين يُعْطَى الأطفال مشروبات محلاة بالسكر أو لفترات زمنية طويلة أثناء اليوم وخاصة فترة النوم ليلاً. ويسمى التسوس الناتج من هذه المشروبات بتسوس الزجاجة عند الأطفال.
يُصيب هذا النوع من التسوس الأسنان الأمامية وخاصة العلوية و يزداد بسرعة في سطح السن لضعف طبقة المينا في الأسنان اللبنية عن الدائمة، مع زيادة نشاط البكتيريا في الفم وزيادة السكريات والكربوهيدرات المتخمرة من الحليب أثناء الرضاعة ليلاً.
ينصح أطباء الأسنان الأمهات بتقليل الفترة الزمنية لإعطاء زجاجة الحليب للأطفال الرضع في فترة النوم، وإن لَزِم الأمر يفضل تنظيف الأسنان بعد الرضاعة عن طريق قطعة من الشاش مبللة بالماء ومسح أسطح السن بها، منعاً لتطور الحالة وحفاظاً على صحة الاسنان بشكل أفضل.
تسوس الاسنان عند الأطفال
تكون الأسنان اللبنية عُرضة أكثر للتسوس، للأسباب التي ذكرناها سابقاً، إلا أنه من المؤسف الكثير من الآباء والأمهات يتجاهلون علاجها اعتباراً أنها أسنان مؤقتة وليست دائمة وبالتالي لن تؤثر على الطفل، فهل حقاً تسوس الاسنان عند الأطفال ليس بالأمر الهام ولا يسبب مشاكل للطفل أم أن علاجها من الضروريات؟
قد يهمك تسوس الاسنان عند الاطفال : الاعراض وطرق العلاج للأسنان اللبنية والأمامية
وجود أي مشاكل في الأسنان اللبنية يؤثر سلبًا على الطفل، سواء على الصحة العامة أو صحة الأسنان الدائمة، فالطفل يجد صعوبة في مضغ الطعام جيدًا وبالتالي يعاني من سوء الهضم ومشاكل في المعدة.
يسبب التسوس في الأسنان اللبنية تكسرها وقد يؤدي إلى فقدها كلياً مما يؤثر سلباً على مخارج الحروف والنطق لدى الأطفال، وفي حال خلعها وإهمال علاجها فقد يؤدي ذلك إلى تقليل المسافة اللازمة لبزوغ الأسنان الدائمة، فتبدأ مشاكل اعوجاج الأسنان واللجوء إلى التقويم لاحقاً، لهذا ننصح كل الآباء والأمهات بضرورة التوجه لطبيب الأسنان وعلاج الأسنان اللبنية في حال تسوسها وإصابتها منعاً لتأثر الأسنان الدائمة بعدها وظهور اسنان مسوسة.
يختلف العلاج حسب درجة وحالة التسوس، فمن الممكن العلاج عن طريق حشوات لها نفس لون السن ومن مادة الجلاس أيونومير (Glass Ionomer) والتي تحتوي على نسبة من الفلورايد تزيد من مقاومة السن للتسوس مرة أخرى، أو تركيب الطرابيش و ربما تستدعي الحالة لعمل حشو عصب.
يُستعاض الفراغ الموجود خلف الأسنان اللبنية المفقودة بحافظ مكان (Space maintainer) والذي يملأ الفراغ حتى يحين موعد بزوغ السن الدائم مما يمنع تكدس الأسنان واعوجاجها وتقليل الاحتياج إلى تقويم الاسنان .
تمثل هذه الطرق المختلفة أنواع العلاج المتعددة لأسنان الأطفال حالة إصابتها بتسوس الاسنان ، ولكن ما علاج تسوس الاسنان في حال الأسنان الدائمة لدى الكبار؟!
علاج تسوس الاسنان الدائمة:
يتشابه علاج الأسنان الدائمة بسابقتها من الأسنان اللبنية من حيث امتداد ودرجة التسوس في السن ولكن هناك بعض الطرق العلاجية التي تزيد في حال الأسنان الدائمة، حيث يكون علاج تسوس الاسنان في عيادة طبيب الأسنان كالأتي:
- العلاج باستخدام الفلورايد: تُوضع مادة الفلورايد على الأسنان ، حيث يعالج الفلورايد مع الكالسيوم التسوس السطحي، ذلك لأن الفلورايد قادرٌ على أن يجعل مينا الأسنان أكثر مقاومةً للتسوس.
- العلاج بالحشوات السنية: تُعد الحشوات الحل الأساسي في حال امتداد التسوس إلى طبقة العاج مثل الحشوات الملونة بلون السن، و حشوات الأملغم والتي تُستخدم للأسنان الخلفية.
- التركيبات الثابتة أو المتحركة: مثل التيجان السنية أو الطرابيش السنية وأطقم الأسنان الكاملة أو الجزئية ويعتمد الاختيار على حالة المريض وعدد الأسنان المُراد علاجها واستعادتها في حالة الفقد.
- المعالجة اللبيّة: يتم علاج اللُب السني (عصب السن) إذا امتد التسوس ليصل إلى لُب السن.
- خلع السنّ: إذا تسبّب التسوّس في تلف السنّ تلفاً كليّاً، فلا بُدّ من خلعها، وتسمح بعض الحالات بإجراء عملية زراعة الاسنان بعد الخلع، حيث يتم زراعة سن جديدة تحل محل السن المفقودة.
تُعد كل تلك الطرق العلاجية أهم الأساليب المستخدمة لعلاج الأسنان في حال تعرضها للتسوس، والتي تستلزم الذهاب للفحص والمتابعة مع طبيب الأسنان .
ولكن هل هناك وسائل أخرى للحماية من تسوس الاسنان ومقاومته؟!
علاج تسوس الاسنان بالثوم
أثبتت الدراسات والأبحاث أن الثوم من أقوى مضادات الالتهاب ومضادات البكتيريا والفطريات، وقد وُجد أن الثوم يُستخدم مُنذُ القدم في العلاجات الطبية للكثير من الأمراض.
ينتج تسوس الاسنان ومشاكل اللثة عن زيادة نشاط البكتيريا الضارة في الفم، ووُجد أن الثوم له دور فعال وكبير في منع ومقاومة بل وعلاج المشاكل الصحية بالفم والأسنان .
توجد حوالي 500 نوع من البكتيريا في فم الأسنان ، يُعد بعضها من البكتيريا النافعة الهامة للمحافظة على صحة الفم، في حين البعض الأخر بكتيريا ضارة في حال زيادة نشاطها فإنها تؤدي إلى العديد من مشاكل الفم والأسنان مثل التهاب اللثة، زيادة معدل تسوس الاسنان ، تكون الجيوب اللثوية
وجد الباحثون أن الثوم كمضاد حيوي قوي واسع النطاق، وبالتالي فهو يقضي على الكثير من البكتيريا الضارة في الفم، بل قد أثبتت الأبحاث أن البكتيريا لا تستطيع العيش والنمو في حال مقاومتها بالثوم.
فكيف يمكن استخدام الثوم لمحاربة تسوس الاسنان والوقاية منه؟!
- يمكن وضع فصوص الثوم مباشرة على المنطقة المُصابة أو التي تشعر فيها بالألم.
- أو إضافة 20 قطرة من عصير الثوم إلى ملعقة من العسل وتناول المزيج يومياً
- أو هرس فصوص الثوم وتحويلها إلى معجون من الثوم وتقوم بوضعه فوق المنطقة المُصابة لدقائق.
يعالج الثوم التهاب اللثة، وآلام الأسنان ويزيد من إفراز اللعاب ويُطهر الفم ويقضي على البكتيريا الضارة المسببة للتسوس وبالتالي يمكن بواسطته مقاومة تسوس الاسنان .
نصائح جميلتي للوقاية من تسوس الاسنان
عن طريق اتباع بعض الإجراءات مثل:
- إزالة طبقة البلاك والجير المترسب على الأسنان يومياً عن طريق تفريش الأسنان أو استخدام الخيط الطبي بين الأسنان للوصول إلى بقايا الأطعمة العالقة بين الأسطح الجانبية للسن.
- المضمضة الطبية خاصة التي تحتوي على مادة الكلورهكسيدين (Chlorhexidine) ذات الفعالية الأقوى لتثبيت نشاط بكتيريا الفم الضارة، وبالتالي محاربة التسوس وأمراض اللثة.
- استخدام مادة الفلورايد باستخدام معجون أسنان يحتوي على الفلورايد أو من خلال مكملات الفلورايد اليومية وشرب المياه ذات نسب الفلورايد المسموح بها، الفلورايد له القدرة على زيادة مقاومة أسطح السن للأحماض الناتجة عن البكتيريا المسببة للتسوس.
- الامتناع والتقليل من تناول الأطعمة التي تلتصق بالأسنان ويصعب تناولها مثل الحلوى والفواكه المجففة حيث أن التصاقها بالأسنان يهيئ البيئة الخصبة المناسبة لزيادة نشاط ونمو البكتيريا الضارة.
- يفضل زيارة طبيب الأسنان كل ستة أشهر لفحص الأسنان الوقائي وتنظيف الاسنان من الجير، ومرة سنوياً لفحص الأسنان بالأشعة السينية مثل أشعة البانوراما لفحص الأسنان والعظام في الفكين العلوي والسفلي للتأكد من عدم وجود مشاكل صحية بالفم والأسنان .
حافظ على نظافة فمك وأسنانك، وداوم على الرعاية الصحية اليومية لتجنب تسوس الاسنان ؛ فالوقاية خير من العلاج، لتظل ابتسامتك مشرقة دوماً.