بقلم د. وسام شعبان
“لثة صحية = ابتسامة صحية”، هذا ما قرأته على أحد ملصقات الحائط بعيادة الأسنان الخاصة بصديقتي عند زيارتي لها، إذ يتحدث هذا الملصق عن طرق علاج تراجع اللثة.
لكن ما لفت انتباهي هو مصطلح ” تراجع اللثة”. ماذا يعني؟ وما هي خطورته على صحة الفم والأسنان؟
وهل يصيب هذا المرض الأطفال أم الكبار فقط؟
العديد والعديد من التساؤلات التي تبادرت إلى ذهني عند قراءتي لهذا المصطلح، أثار هذا فضولي للتحدث مع صديقتي الطبيبة ومعرفة كل ما يخص تراجع أو انحسار اللثة كما يطلقون عليه أيضاً.
فهيا بنا عزيزي القارئ كي تعرف إجابات الأسئلة التي طرحتها عليها.
ماذا يُقصَد بتراجع اللثة؟
هو أحد الأمراض التي تصيب اللثة فتسبب تآكل أو تراجع حافة اللثة التي تغطي جذور الأسنان؛ مما يؤدي لكشف هذه الجذور وتصبح عُرضة للإصابة بالتسوس والعدوى البكتيرية مما يسبب فقدان الأسنان.
تتكون اللثة من عدة أنسجة وردية اللون مليئة بالأوعية الدموية وتُغطى بالغشاء المخاطي للحفاظ عليها رطبة دائماً، وعند الإصابة بتراجع اللثة فإنها تفقد جزء كبير من هذه الأنسجة الداعمة، لذا علاج تراجع اللثة المبكر يقيك عزيزي القارئ من مخاطر هذا المرض.
لكن ما أسباب تراجع اللثة أولا؟
قبل البدء في التحدث عن علاج تراجع اللثة وأنواعه المختلفة، علينا معرفة الأسباب التي قد تؤدي للإصابة بهذا المرض، كي نتجنبها قدر الأمكان.
وهذه الأسباب تتمثل في:
- أمراض اللثة
الإصابة بأمراض اللثة كالتهاب اللثة، والعدوى البكتيرية، والترسبات الجيرية تؤدي لتآكل الأنسجة الداعمة لللثة والأسنان؛ مما يؤدي لتراجع اللثة.
- التدخين
كثرة التدخين يسبب الكثير من الترسبات الجيرية على الأسنان التي يصعُب إزالتها؛ فيصيبك بانحسار اللثة.
- عوامل وراثية
بالرغم من اهتمامك الدائم بتنظيف أسنانك، ومواظبتك يوميا على ذلك، إلا أنك قد تكون أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض نتيجة لطبيعة جيناتك أو تاريخ مرضي بالعائلة.
- تغيرات هرمونية
دائماً ما تمر النساء والفتيات بكثير من التقلبات الهرمونية خلال الدورة الشهرية أو الحمل وما إلى ذلك، مما يؤثر على صحة وسُمك اللثة لديهن ويصابون بهذا المرض.
- تنظيف الأسنان الخاطئ
تنظيف الأسنان بالطرق الخاطئة واستخدام فرشاة أسنان صلبة، يؤدي لتآكل طبقات مينا الأسنان بمرور الوقت، ومن ثَم انحسار اللثة.
- عدم العناية بأسنانك
عدم تفريش أسنانك صباحا ومساءا، وقلة استخدام مطهرات الفم وخيط الأسنان للتنظيف، يؤدي لتكون ترسبات جيرية يصعُب إزالتها، فتسبب تآكل اللثة.
- ثقب الشفاه واللسان
تعتمد بعض الفتيات هذه الطريقة للتزيين، بوضع بعض الإكسسورات باللسان أو الشفاه، والتي قد تحتك كثيرا باللثة وتسبب تآكلها، وتزيد من فرص إصابتها بانحسار اللثة.
- اعوجاج الأسنان
إذا كانت أسنانك غير منتظمة ولا توجد بمكانها الصحيح، يسبب هذا ضغطاً على اللثة وتآكلها أيضاً.
والجدير بالذكر أيضاً أن أكثر الأفراد عرضة لهذا المرض هم:
- كبار السن لضعف وترقق اللثة لديهم.
- الرجال أكثر من النساء.
- مرضى السكر ونقص المناعة.
وهم بحاجة لعلاج تراجع اللثة مبكراً حتى لا يزداد الوضع سوءا، ولكن لم يثبُت إلى الآن إصابة الأطفال بهذا المرض.
أعراض انحسار اللثة
تتلخص هذه الأعراض في:
- نزيف باللثة بعد تنظيفها بالفرشاة أو الخيط.
- رائحة الفم الكريهة.
- ظهور جذور الأسنان.
- احمرار وتورم اللثة.
- حساسية الأسنان تجاه الحرارة والبرودة.
- صغر حجم اللثة.
- ظهور مسافات بين الأسنان، بالإضافة إلى زيادة حجمها.
- آلام بخط اللثة الملاصق للأسنان.
والآن بتنا نعلم عن تراجع اللثة وأسبابه وأعراضه، وبسؤال صديقتي عن طرق علاج تراجع اللثة أخبرتني أنه ينقسم لأربع أقسام، سأخبركم بما أخبرتني به تفصيلاً الآن.
علاج تراجع اللثة غير الجراحي
يسمى هذا النوع من العلاج “بالتنظيف العميق” وهو أول ما يلجأ إليه طبيب الأسنان عند تشخيصه لحالة تراجع اللثة بمراحلها الأولى، وفيه:
- إزالة الجير المترسب المحيط بخط اللثة وما أسفلها.
- تنظيف عميق للأسنان أيضا من الترسبات.
- تنعيم نتوءات الأسنان بعد التنظيف جيداً، كي نتفادى تعلق البكتيريا بها مرة أخرى.
- وصف الطبيب تناول المضادات الحيوية لسرعة الشفاء.
علاج تراجع اللثة بالليزر
الآن سنتحدث عن استخدام الليزر كإحدى طرق علاج انحسار اللثة، إذ إنه يعد من الطرق غير الجراحية أيضاً والتي لا تستغرق وقتاً طويلاً لإرجاع اللثة إلى طبيعتها بصورةٍ كبيرة:
- يستخدم الليزر لإزالة خط اللثة الملتهب المقارب للأسنان ليصل بسهولة للجيوب التي تكونت بسبب إصابة اللثة بالتراجع، وتنظيفها جيداً من البكتيريا والترسبات، وتنظيف الترسبات الجيرية التي تكونت حول جذور الأسنان وأدت إلى الالتهاب أيضاً.
- بعد ذلك، يُنشط الليزر الدورة الدموية للخلايا الجذعية الموجودة بالمنطقة المصابة، وينشط تكوين الأنسجة الداعمة والعظام والكولاجين مرة أخرى، وتتكون طبقة جديدة من اللثة تُغطي جذور الأسنان.
ومن مميزات العلاج بالليزر:
- عدم استخدام التخدير الكلي.
- قلة النزيف، والتورم، والألم على عكس الطرق الجراحية.
- سرعة التعافي بعده.
- الوصول للأماكن المصابة بدقة عالية.
ولكن لم يثبت علمياً إلى الآن أفضلية استخدام الليزر وقوة نتائجه على الطرق التقليدية غير الجراحية، كذلك فإنه قد يسبب تلف أنسجة اللثة عند زيادة حرارته.
التدخل الجراحي لعلاج تراجع اللثة
يلجأ طبيب الأسنان له في حالات تراجع اللثة المتقدمة، التي يصعب علاجها بالطرق غير الجراحية التي ذُكِرت سابقاً، وتنقسم إلى:
- جراحة السديلة ( Flap surgery)
هي عملية تنظيف عميق للثة، يزيل فيها الطبيب الترسبات الجيرية المتراكمة داخلها، إذ يرفع الطبيب اللثة لتنظيف أسفلها جيدا، ثم يعيدها مرة أخرى بعد الانتهاء.
قد تسبب هذه الجراحة آلاما في اليوم التالي لها، لذا يصف لك الطبيب المضادات الحيوية ومسكنات الألم، وينصح بتناول الأطعمة السائلة لمدة لا تقل عن الأسبوعين لحين إتمام الشفاء.
- ترقيع اللثة (Gum grafting)
وتستخدم هذه الجراحة في حالات فقد بعض الأنسجة الداعمة باللثة والعظام أيضاً، إذ يأخذ الطبيب بعض الأنسجة السليمة من مكانٍ آخر بالفم لزرعها بدلاً من المفقودة حول جذور الأسنان.
يستخدم الطبيب بعض العظام الطبيعية أو الصناعية لتركيبها باللثة لدعمها، ثم تثبيت اللثة بشكل أكثر إحكاماً عما سبق حتى نتجنب تراجعها مرة أخرى.
علاج تراجع اللثة طبيعيا
لعلك عزيزي القارئ تتسائل “ألا يمكنني علاج هذا المرض أو تقليل حدوثه طبيعيا، إذا ما لاحظت بداياته؟”
ستكون إجابتي “نعم” فقد أخبرتني الطبيبة عدة علاجات طبيعية تستطيع اتباعها لعلاج انحسار اللثة، مثل:
- الشاي الأخضر: يحافظ على الأسنان السليمة، ويساعد في درء المرض.
- الملح والماء: له تأثير مضاد للبكتيريا، وينصح بالغرغرة به من 2- 3 مرات يومياً.
- زيت الأوكالبتوس: مضاد للالتهاب، ومنشط لنمو الأنسجة الداعمة.
- زيت النعناع: يمنع نمو الميكروبات داخل الفم.
- جيل الصبار: يستخدم في علاج التهاب اللثة أيضا.
- زيت شجرة الشاي: له تأثير كزيت النعناع.
- زيت الزعتر: يقلل الإصابة بالأمراض المسببة لنمو البكتيريا داخل الفم.
- غسل الأسنان بالفرشاة: استخدامها مرتين يومياً، مالا يقل عن دقيقتين في المرة للتأكد من نظافتها.
- تنظيف الأسنان بالخيط: استخدامه مرة يوميا للتخلص من بقايا الطعام بين الأسنان.
طرق الوقاية من تراجع اللثة
” الوقاية خيرٌ من العلاج”، لذا لتجنب إصابتنا بهذا المرض أو أمراض اللثة بأنواعها فعلينا اتباع بعض الإرشادات التي أوصت بها طبيبة الأسنان في حديثي معها:
- زيارة طبيب الأسنان مرتين بالسنة على الأقل للاطمئنان على صحة فمك دائماً.
- استخدام فرشاة الأسنان وخيط الأسنان مرة يوميا على الأقل.
- استخدام فرشاة الأسنان الناعمة حتى لا تجرح اللثة وتسبب الأمراض.
- معرفة الطريقة المُثلى لتفريش الأسنان من الطبيب، لضمان بقائها نظيفة.
- إيقاف التدخين لما له من أضرار جسيمة على سلامة أسنانك.
- تناول الغذاء الصحي، والبعد عن الوجبات السريعة.
- متابعة التغييرات التي قد تطرأ على أسنانك واستشارة الطبيب إن وجدت.
وها نحن قد أنهينا رحلتنا الطويلة لمعرفة طرق علاج تراجع اللثة، وكل ما تود معرفته عن هذا المرض، لذا حافظ على ابتسامتك دوماً بصورة صحية، باستشارتك لطبيب الأسنان دائماً.