بقلم د. أميرة القط
عندما بلغت من العمر سبع سنوات، وحان موعد تبديل أسناني اللبنية الصغيرة بالأسنان الدائمة، لاحظ أبي التواء الأسنان الأمامية وعدم تناسقها مع بقية الأسنان، وعند الذهاب إلى الطبيب قال حسناً سنحتاج إلى تركيب تقويم في المستقبل يُرجعهما إلى موضعهما الطبيعي، فكنت أخشى الم التقويم، تمنيت لو أن أسناني طبيعية لا تحتاج لهذا.
شعرتُ بالخوف من تلك الأسلاك الحديدية التي توضع داخل الفم، وتملكني إحساس بأن الم التقويم شديداً لا أستطيع تحمله، الآن أصبحت طبيبة أسنان أعلم جيداً ماهو تقويم الأسنان وأعلم أهميته الشديدة.
في هذا المقال سوف نتحدث عن تقويم الأسنان ونعرف هل حقاً يُسبب ألماً لا يُحتمل؟
قبل الحديث عن الم التقويم ما هو تقويم الأسنان ومتى نلجأ إليه؟
هو أحد فروع طب الأسنان يهتم خصيصاً بشكل الأسنان وانتظامها بالنسبة لبعضها البعض وتناسبها مع الفكين. هناك أطباء أسنان متخصصون في جراحات التقويم ومن شأنهم تحديد ما إن كانت تحتاج أسنانك إلى تقويم أم لا ويُقرر النوع المناسب لها.
دائماً ما يهتم الطبيب بتقليل الفراغات بين الأسنان، وتعديل الملتوية منها، ومحاذاة الأسنان مع بعضها، وعلاج العضة الخاطئة التي قد تؤدي إلى الشعور بألم أثناء المضغ.
بالرغم من الم التقويم الذي قد يشعر به المريض إلا أن الاستفادة تحث على تحمل هذه الآلام، إذ يساعد التقويم على تحسين شكل الأسنان ومظهرها مما يُزيد من ثقة الإنسان بنفسه، ويقي الشخص من تسوس الأسنان السريع وتلفها الدائم، ويُحسن من الحالة العامة للأسنان واللثة، ويُفيد بشكل واضح في عملية المضغ الجيد وتحسين النطق ومخارج الحروف.
مع تقدم العلم ظهرت أنواع تقويم أسنان متعددة لتناسب جميع احتياجاتنا، سنقدم لك عزيزي القاريء في هذا المقال بعض المعلومات البسيطة عن كل منها.
أنواع تقويم الأسنان المختلفة
التقويم المعدني
أكثر الأنواع انتشاراً، مصنوع من المعدن بالكامل، أكثرهم فاعلية في تخفيف تزاحم الأسنان في فترة وجيزة، يعُد أقل في التكلفة من الأنواع الأخرى، ولكن مظهره المعدني غير محبب لدى الكثيرين كذلك يحتاج إلى اهتمام وعناية بتنظيف الأسنان لتجنب تجمع بقايا الطعام.
التقويم الخزفي
يشبه التقويم المعدني في الشكل والحجم إلى حد كبير، يتميز بأنه مصنوع من مادة خزفية تُقارب في لونها لون الأسنان، مما يعطيها مظهر جذاب وغير ملحوظ، تعد زيادة سعر التقويم الخزفي وتغيير لونه مع الوقت من أهم عيوبه، غير أنه معرض للكسر بسهولة عند المضغ بقوة.
التقويم الشفاف
هذا النوع مميز جداً لأنه مكون من قالب بلاستيكي شفاف، مما يعطي للأسنان حرية الحركة والمظهر الجميل، يتناسب مع أنواع الطعام العديدة على عكس التقويم المعدني، يتغير كل أسبوعين مع الطبيب المعالج ويحتاج الشخص من 18 إلى 30 قالباً طبقاً لحالة الأسنان، يعد باهظ الثمن نسبةً إلى الأنواع الآخرى.
لا يُستخدم مع الأطفال، ويُحقق نتائج فعَالة مع الحالات البسيطة والمعتدلة التي تحتاج إلى تقويم من البالغين ومن هم في سن المراهقة.
التقويم الداخلي
مصنوع من المعدن أيضاً، يركب على السطح الداخلي للأسنان مما يجعله غير ظاهراً من الخارج، و لكنه أقل فاعلية ويحتاج إلى وقت أطول لكي تظهر نتائجه، ويُعيق حركة اللسان قليلاً ويصعُب تنظيفه بدقة. ويحتاج إلى طبيب ماهر إذ إنه صعب التركيب.
التقويم المتحرك
يستخدم هذا النوع عادةً بعد التقويم التقليدي كي يحافظ على شكل الأسنان ووضعها الجديد، يوضع على الجهة الأمامية للأسنان مما يعطيه مرونة في فكه وتركيبه، يستخدم لمدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن 12 شهراً لمدة لا تزيد عن ثلاث ساعات يومياً ومن الممكن أن يُستخدم أثناء فترة النوم.
كذلك تتوفر عدة ألوان لتقويم الأسنان؛ كي يناسب لون بشرتك؛ للحصول على إطلالة جذابة.
من أكثر الأمور التي تُصعب اتخاذ قرار تقويم الأسنان الخوف من الألم، فقد يُعاني الشخص من مشاكل كثيرة نتيجة عدم تناسق الأسنان ولكن يمنعه خوفه من الذهاب إلى الطبيب. هيا بنا نتحدث عن الم التقويم بعد التركيب وأثناءه وكيفية التغلب عليه.
كل ما يدور حول الم التقويم
هناك عوامل عديدة تؤثر على إحساسك بالألم منها السن، وما إن كنت ذكرا أو أنثى، والحالة النفسية، ونوع التقويم المُستخدم، وحالة الأسنان وما تحتاجه من تعديل. يبدأ الإحساس بالألم في خلال الأربع ساعات الأولى ومن ثَم يزيد خلال 24 ساعة ويقل تدريجياً خلال سبعة أيام.
من خلال طريقة تركيب التقويم قد تشعر بضغط على الأسنان لتحريكها نحو موضعها الجديد ولكنه غير مؤلم، ويستغرق التركيب من ساعة إلى ساعتين بعدها من الممكن أن تشعر بالتورم والالتهاب في اللثة والأسنان وقليل من الألم.
يُمكنك التحكم في هذا الألم من خلال اتباع بعض النصائح:
- استخدام بعض الأدوية المسكنة التي يصفها لك الطبيب أو الصيدلي مثل باراسيتامول و إيبوبروفين و أسيتامينوفين.
- تناول الأطعمة اللينة التي لا تحتاج إلى المضغ في الأسبوع الأول مثل: الآيس كريم، والشوربة، والزبادي، والعصائر المثلجة، وبعض الفواكه الطرية مثل الموز.
- البعد عن الأطعمة اللزجة التي قد تلتصق بأجزاء التقويم مثل الفشار واللبان وغيرها.
- وضع كمادات من الثلج يهدئ من التهاب اللثة.
- قد ينصحك الطبيب بمضمضة الفم بالماء الدافئ والملح.
- عادةً ما يضع لك الطبيب مادة شمعية لتحمي لثتك وباطن الخدين من الخدوش التي تحدث نتيجة القطع المعدنية المستخدمة في التقويم.
إذا كنت ممن يُعانون شدة الإحساس بالألم، تستطيع أن تطلب من طبيب الأسنان وصف أحد المسكنات تستخدمها قبل ساعة من تركيب التقويم لكي تخفف إحساسك بالألم. بعد شهر تقريباً يتكيف الشخص تماماً مع تقويم الأسنان، وقد لا يشعر بوجوده بعد ستة أشهر.
الم التقويم الشفاف
بوجهٍ عام التقويم الشفاف أقل حدة في الألم نسبةً إلى طرق التقويم التقليدية، فقد لا تشعر بألمٍ واضح ولكنه إحساس بعدم ارتياح بسبب ضغط هذا القالب على أسنانك لتعديل وضعها سُرعان ما يزول في غُضون أيام قليلة.
الم التقويم المتحرك
بعد تسجيل العديد من الإحصائيات، وُجد أن حِدة الم التقويم مع التركيبات المتحركة تقل نسبياً عن التركيبات الثابتة مما يجعلها مفضلة لدى البعض، وهذا معناه أن التقويم الثابت يُحقق فاعلية أكثر وأسرع من المتحرك وبالتالي يؤدي إلى إحساس أعلى بالضغط على الأسنان.
دائماً ما نسأل عن المدة التي يحتاجها تقويم الأسنان حتى تظهر نتائجة المنتظرة، ولكن الإجابة هُنا غير محددة، إذ تختلف المدة من شخص لآخر طبقاً لعدة عوامل من أهمها السن، والحالة العامة، وحالة الأسنان من حيث المشكلة المُراد حلها، اتباع المريض تعليمات الطبيب بدقة أم لا.
ولكن بوجهٍ عام يحتاج التقويم من سنة إلى ثلاث سنوات حتى تثمُر نتائجه، لذلك علينا في هذه الفترة الاهتمام بالأسنان بشدة حتى نتجنب تعريضُها للتسوس أو التلف، وللتخفيف من الم التقويم.
إليك عزيزي القارئ بعض النصائح الواجب اتباعها للحفاظ على أسنانك
عند اتخاذ قرار تركيب تقويم الأسنان عليك البحث عن طبيب ماهر يتمكن من إجراء مثل هذه الجراحات بحرفية عالية،
فقد تجد بعض العروض بأسعار منخفضة ولكن يُكلفك ذلك كثيراً في المستقبل ويُعرضك للكثير من القلق ما إن أجرى ذلك بطريقة خاطئة.
من المهم أن تتبع تلك النصائح بعد تركيب التقويم ومنها:
- تنظيف الأسنان بواسطة فرشاة أسنان ناعمة بعد تناول الطعام والتأكد من عدم التصاق الأطعمة بأجزاء التقويم لتجنب التسوس أو ظهور بقع بنية على الأسنان.
- محاولة البعد عن الأطعمة اللزجة أو شديدة الصلابة للحفاظ على التقويم .
- الانتظام على زيارة الطبيب في المواعيد المحددة للاطمئنان على صحة الجراحة.
- استخدام خيط الأسنان بطريقة سليمة للتنظيف بين الأسنان.
- تقطيع الطعام إلى قطع صغيرة سهلة المضغ.
في الختام، أتمنى أن يساعدك هذا المقال على اتخاذ القرار المناسب لحالة أسنانك، ويهدئ من قلقك تجاه الم التقويم.