بقلم د. وسام شعبان
في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد من ظهور جائحة الكورونا نعاني الكثير من قلق الإصابة بهذا الفيروس اللعين، والحمى هي أشهر أعراض عدوى الكورونا، ولكن هل تعتقد أن الحمى مؤشرًا لعدوى الكورونا فقط؟ وهل تختلف طرق علاج الحمى باختلاف أسبابها؟
هل يجول بخاطرك ما إذا كانت الحمى عرضا أم مرضا؟ وهل هي ناقوس خطر لبعض الأمراض أم مؤشر لسلامة مناعتك؟
إذا كنت تريد جوابًا على هذه الأسئلة وأكثر ستجدها بهذا المقال فتابع معي ما يلي.
ما هي الحمى وما أعراضها؟
قبل البدء في الحديث عن علاج الحمى سنعرف عنها أولًا، هي ارتفاع بالمعدل الطبيعي لحرارة الجسم ألا وهو 37 درجة سيليزية ليصل إلى 39 أو أكثر، نتيجة لزيادة إنتاج جهازنا المناعي لكرات الدم البيضاء المسؤولة عن محاربة الميكروب المسبب في ذلك.
وبالرغم من أن الحمى تعد عرضا لبعض الأمراض وليس مرضا بحد ذاته، إلا إنها أيضًا مؤشرٌ قويٌ على قوة مناعتك وقدرتها على مقاومة الأمراض والقضاء على بعضها كالفيروسات الضعيفة.
ومن الأعراض المصاحبة للحمى:
- الرعشة
- آلام بالجسم
- فقدان الشهية
- كثرة التعرق
- الصداع
أسباب الإصابة بالحمى
يختلف علاج الحمى باختلاف أسباب ظهورها، فإذا كان السبب عدوى فيروسية ضعيفة تزول خلال أيام دون علاج، أما إذا كانت أمراض أخرى تجعلها ترتفع إلى 39 أو أكثر فتحتاج إلى زيارة الطبيب لتحديد العلاج المناسب، وهذه الأسباب مثل:
- العدوى البكتيرية أو الفيروسية كالتهاب الحلق، أو الأنفلونزا.
- فيروس كورونا المستجد.
- التطعيمات.
- التسنين لدى الرضع.
- بعض الأمراض كالسرطان، وتجلط الدم، والتهاب الأذن والكُلى.
ولكن ما هي طرق علاج الحمى وأنواعها المختلفة؟ هذا ما سنسرده عليك في فقراتنا القادمة.
علاج الحمى عند الاطفال
أكثر ما يقلقنا دائمًا هو إصابة أطفالنا بالحمى بمختلف أعمارهم، وكثيرًا ما نتسائل متى أستطيع علاج الحمى منزليًا؟ ومتى ينبغي الذهاب للطبيب؟
ولكن لا داعي لهذا القلق إذا كانت درجة حرارة طفلك لم تتعدى 38 درجة سيليزية، فبإمكانك علاجه بالمنزل كالآتي:
- إعطاء خافضات الحرارة كالباراسيتامول أو الإيبوبروفين لمن هم فوق الستة أشهر.
- استخدام الكمادات الباردة على البطن والرقبة والفخذين تعطي نتائج أسرع بخفض الحرارة.
- شرب السوائل بكثرة لتجنب الجفاف.
- نزع طبقات الملابس الكثيرة والاكتفاء بطبقة واحدة.
- عدم استخدام الكمادات المثلجة أو تدليك الجسم بالكحول.
- أخذ الطفل القسط الكافي من الراحة.
فإذا اتبع الوالدان هذه الخطوات ستزول الحمى خلال ثلاثة أيام إن لم تكن لها أسباب مرضية أخرى كما ذكرنا.
والآن متى علينا الذهاب للطبيب؟
- إذا استمرت الحمى لأكثر من ثلاثة أيام بعد علاج الحمى المنزلي.
- إذا كان الطفل عمره أقل من ثلاثة أشهر ودرجة حرارته تصل إلى 38 أو أكثر.
- إذا وصلت درجة حرارة الطفل 40 درجة لمن هم فوق الثلاثة أشهر.
- إذا صاحب الحمى الإسهال والقيء المستمر.
- ظهور بعض التشنجات على الطفل.
- خمول الطفل الزائد وعدم قدرته على الاستجابة لوالديه.
- إذا كان الطفل مصاب ببعض الأمراض كأمراض القلب وأنيميا الخلايا المنجلية.
في هذه الحالات على الوالدين سرعة التوجه للطبيب لتشخيص الحالة وتحديد العلاج المناسب للطفل حتى تزول مرحلة الخطر وينعم الطفل بصحة جيدة.
علاج الحمى لدى البالغين
تختلف الحمى لدى البالغين عن الأطفال، إذ يستطيع البالغ علاج الحمى بالمنزل مادامت لم تتعدى درجة حرارته 39 درجة سيليزية.
فلا داعٍ للقلق وعلينا اتباع بعض الخطوات المنزلية التي تؤتي بثمارها وتساعد على زوال الحمى مثل:
- تناول بعض الأدوية التي تستخدم دون استشارة الطبيب كالأسبرين والإيبوبروفين.
- أخذ حمام فاتر للمساعدة على خفض حرارة الجسم.
- تناول الأطعمة سهلة الهضم.
- شرب الماء والسوائل بكثرة.
- ارتداء الملابس الخفيفة حتى تسمح بتهوية الجسم.
- تهوية وتبريد غرفة المريض جيدًا.
- استخدام الكمادات الباردة.
- أخذ القسط الكافي من الراحة.
ولكن إذا ارتفعت درجة الحرارة إلى 40 أو أكثر مع ظهور هذه الأعراض مصاحبة للحمى فينبغي التوجه إلى الطبيب على الفور مثل:
- تيبس الرقبة.
- التحسس من الضوء.
- الصداع الشديد.
- بعض التشنجات.
- آلام بالمعدة أو خلال عملية التبول.
- فقدان الوعي.
- آلام بالصدر تصاحب صعوبة بالتنفس.
فلا يجب أن نتوانى عند ظهور هذه الأعراض لعلها تكون مؤشرًا على الإصابة بأمراض خطيرة تحتاج سرعة التدخل الطبي.
علاج الحمى الداخلية
كثيرا ما يتردد على مسامعنا مصطلح الحمى الداخلية ولكن ماذا يعني؟
هو الشعور بارتفاع درجة حرارة الجسم الداخلية مع ظهور بعض الأعراض كالتعرق والإجهاد دون ارتفاع حرارة الجسم الخارجية.
إذ تبقى الأطراف -اليدان والقدمان- باردة، وعند قياس الحرارة بالترمومتر فنجدها بالمعدل الطبيعي، فما أسباب هذه الحالة؟
تتعدد أسباب الحمى الداخلية مثل:
- عوامل بيئية وحياتية مثل:
- التعرض للشمس طويلا مما يؤدي لضربة شمس.
- بعض المأكولات والمشروبات كالأطعمة الحارة والكافيين والكحول.
- ارتداء الملابس داكنة اللون التي تمتص الحرارة.
- التمارين الرياضية والنشاط الزائد.
- عوامل مرضية
- الإصابة بالقلق والتوتر الدائم.
- الإصابة بمرض السكري.
- عدم التعرق.
- زيادة نشاط الغدة الدرقية عن الطبيعي.
- عوامل نسائية
- الحمل والدورة الشهرية لدى الإناث.
- فترة سن اليأس -أي توقف الدورة الشهرية-
- فترة ما قبل سن اليأس.
- بعض الأدوية
- بعض المسكنات كالترامادول.
- بعض أدوية القلب.
- أدوية فرط نشاط الغدة الدرقية.
- بعض المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات.
- أدوية نفسية كالمهدئات.
ولكن ما هي طرق علاج الحمى الداخلية؟
قد لا تختلف كثيرا عن طرق علاج الحمى الخارجية ولكن يصعب البدء في علاجها مبكرا لقلة ظهور أعراض مصاحبةٌ لها مع بقاء حرارة الجسم الخارجية طبيعية، هذه الطرق مثل:
- ارتداء الملابس الفضفاضة والابتعاد عن الملابس ذات الألوان الداكنة نهارا.
- الابتعاد عن تناول المأكولات الحارة وتقليل شرب الكافيين.
- ممارسة بعض التمارين للتخلص من القلق والتوتر.
- تناول الكثير من السوائل.
- البقاء بالأماكن جيدة التهوية قدر الإمكان.
ولكن إذا كنت دائم الشعور بالحرارة الداخلية بالرغم من اتباعك هذه الخطوات، فمن الأفضل سرعة التوجه إلى الطبيب لإجراء بعض الفحوصات مثل تحليل الدم والبول لتشخيص الأسباب المرضية لذلك وإيجاد العلاج المناسب للحالة قبل أن تتفاقم.
علاج الحمى المالطية (Brucellosis)
الحمى المالطية أو ما يسمى بداء البروسيلات هي ارتفاع بدرجة حرارة الجسم نتيجة للإصابة بالعدوى بنوع من البكتيريا يسمي (بروسيلا).
ينتقل هذا النوع من التعامل المباشر مع بعض الحيوانات المصابة بهذه البكتيريا مثل: الأبقار، والأغنام، والماعز، والجاموس أو تناول منتج حيواني محمل بهذه البكتيريا.
ويصعب علاج الحمى المالطية مبكرًا، إذ لديها أعراض تشبه الإصابة بالأنفلونزا كارتفاع ملحوظ بدرجة الحرارة، والرعشة، والصداع، وآلام بالجسم، وكثرة التعرق، وتظهر بعد أيام أو شهور من الإصابة.
قد تختفي هذه الأعراض وتظهر مرة أخرى أكثر سوءا، عندها ينبغي الذهاب للطبيب لعمل الفحوصات اللازمة كتحليل الدم للتأكد من الإصابة بهذه البكتيريا والبدء بالعلاج المناسب.
يتكون علاج الحمى المالطية من بعض المضادات الحيوية مثل:
- تتراسيكلين
- دوكسي مايسين
- ريفامبسين
- ستربتومايسين
- سيربروفلوكساسين
يصف لك الطبيب هذه المضادات مدة لا تقل عن 6-8 أسابيع، وينصح بعدها بتناول جرعات أخرى بعد الشفاء لستة أشهرٍ متتالية حتى تقل فرص الإصابة بهذه الحمى مرة أخرى.
هناك أيضًا ما يُعرف بعلاج الحمى المالطية بالكي، وهي طريقة متداولة بين العامة ولكن إلى الآن لا توجد أبحاث تثبت فعاليتها في العلاج أو كيفية استخدام الكي.
طرق الوقاية من الحمى المالطية
إذا كنت ممن يكون دائم الاتصال المباشر مع الحيوانات أو المنتجات الخاصة بها بعملك فعليك اتخاذ بعض الإجراءات الإحترازية للوقاية من الإصابة بالحمى المالطية مثل:
- ارتداء القفازات المطاطية عند التعامل المباشر مع الحيوانات.
- الحرص على تطعيم الحيوانات بانتظام.
- ارتداء الملابس الواقية.
وأيضًا علينا جميعًا الانتباه للآتي:
- تناول اللحم كامل النضج.
- عدم تناول المنتجات الحيوانية غير المبسترة.
- الحرص على غليان اللبن قبل تناوله.
باتباعك لهذه الإجراءات الاحترازية يجنبك مشقة علاج الحمى المالطية أو مشقة الإصابة بها منذ البداية.
كيف نقي أنفسنا من الإصابة بالحمى؟
لكي نقي أنفسنا الإصابة بالحمى علينا الاهتمام بالنظافة والابتعاد عن كل ما يسبب العدوى بالميكروبات، واتباع بعض الإجراءات الوقائية مثل:
- الاهتمام بغسل اليدين دائمًا لتطهيرها من الميكروبات.
- تطهير اليدين بالمطهرات الطبية في حالة تواجدنا خارج المنزل.
- عدم ملامسة العينين والأنف قبل تطهير اليدين.
- استخدام أدواتِنا الخاصة بالطعام والشراب وتجنب تبادلها مع الآخرين.
ولكن إذا كانت الحمى نتيجة لأمراض أخرى فمن الأفضل الالتزام بالمتابعة الدورية مع الطبيب لتجنب أي مضاعفات أخرى قد تصيبك.
وأخيرًا علاج الحمى وغيرها من الأمراض هو ما يقيك ظهور بعض المضاعفات الخطيرة، فبادر دائمًا بالاهتمام بصحتك حتى تنعم بحياة صحية هانئة.