بقلم د. أميرة القط
انتشرت السمنة انتشاراً شديداً في الآونة الأخيرة بالوطن العربي ولا سيما بالمملكة العربية السعودية، فقد ارتفعت نسبة السمنة في السعودية لتصل إلى 35.5% مما أدى إلى ارتفاع نسبة الوفيات بالمملكة، لارتباط السمنة بالعديد من المشاكل الصحية.
في هذا المقال سنتحدث عن السمنة في السعودية بالتفصيل، بداية ما هي السمنة؟ وما هي أسبابها؟؟؟
ما هي السمنة؟
زيادة نسبة الدهون وتجمعها في بعض المناطق بالجسم دون الأخرى، نستطيع أن نحدد ما إن كان الشخص يعاني من السمنة أم لا بحساب معدل كتلة الجسم كالآتي:
معدل كتلة الجسم= وزن الجسم بالكيلو جرامات / مربع الطول.
إليك هذا المثال لتوضيح كيفية الحساب، إذا كان وزن الجسم 70كجم والطول 1.6مترا:
فإن معدل كتلة الجسم= 70/ (1.6* 1.6) = 27.3
يعد هذا الشخص زائداً في الوزن إذ إن معدل كتلة الجسم بين 25-30، بينما إن تعدت هذه النسبة 30 فهذه حالة من حالات السمنة وعلينا الاهتمام جيداً.
أسباب انتشار السمنة في السعودية والدول العربية
غالباً ما تحدث السمنة عندما تكون السعرات الحرارية للطعام أكثر من المستهلكة في نشاط الجسم والحركة البدنية، فيضطر الجسم حينها أن يخزن هذه السعرات الزائدة على شكل دهون بالجسم.
الإفراط في تناول الأطعمة المختلفة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، وأيضاً الاعتماد على تناول الوجبات السريعة الممتلئة بالسعرات الحرارية كمصدر أساسي للغذاء اليومي، وكذلك قلة المجهود البدني المبذول والاعتماد غالباً على السيارات الخاصة في معظم التحركات، وعدم الاهتمام بممارسة الرياضة بشكلٍ كافٍ، كل ذلك ساعد على انتشار السمنة في السعودية بين جميع الفئات العمرية من رجال وسيدات وأطفال.
ولكن لا نستطيع أن نغفل أن هناك عدة عوامل تساعد على الإصابة بالسمنة ومنها:
العوامل الوراثية
فنلاحظ أن هناك بعض العائلات تعاني من مشاكل السمنة أكثر من غيرها، وكذلك يعاني بعضها من النحافة الشديدة بالرغم من تناول كميات كبيرة من الأطعمة المختلفة.
وليس السبب تماثل الجينات بين أفراد العائلة فقط، ولكن ممارسة نفس العادات الخاطئة التي بدورها تؤدي إلى السمنة.
بعض الأمراض المزمنة والأدوية
هناك بعض الحالات المرضية تتسبب في زيادة الوزن مثل متلازمة برادر ويلي، ومتلازمة كوشينغ، والتهاب المفاصل المزمن الذي بدوره يؤدي إلى صعوبة في الحركة مما يُسبب زيادة في الوزن.
وكذلك بعض الأدوية التي يضطر الشخص الاستمرار عليها لمدة طويلة مثل ادوية علاج الاكتئاب، وأدوية الصرع، والأدوية النفسية، والكورتيزونات التي تؤدي إلي زيادة في الوزن ما لم يُنظم الشخص برنامجه الغذائي.
الروتين اليومي
هناك بعض العادات التي نتبعها وتتسبب لنا في السمنة دون أن نشعر مثل:
- تناول الكثير من المشروبات الكحولية والغازية والعصائر التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات فتعطي إحساس مؤقت بالشبع.
- عدم تناول الخضراوات والفواكه ضمن النظام الغذائي.
- الجلوس أمام الشاشات لفترات طويلة مثل أجهزة الكمبيوتر أو التلفاز مما يؤدي إلى قلة الحركة ونقص معدل الحرق.
الحمل والرضاعة
دائماً ما تكتسب المرأة وزناً زائداً أثناء الحمل نتيجة تغيير إفراز بعض الهرمونات وأحياناً بسبب الاعتقاد الخاطئ؛ بأن يجب عليها زيادة حجم وجبتها الطبيعية حتى يصل للجنين غذائه بشكلٍ أفضل، مما يؤدي إلى زيادة وزنها الذي يصعب التخلص منه فيما بعد.
ولكن هناك فرصة لفقدان هذا الوزن الزائد أثناء الحمل من خلال الرضاعة الطبيعية، ما إن تابعت المرأة نظام غذائي معتدل السعرات.
الإقلاع عن التدخين
بينما كان الإقلاع عن التدخين فائدة صحية عظيمة للجسم، إلا إنها قد تُصاحب بزيادة في الوزن، فعليك استشارة الطبيب واتباع نظام صحي لتجنب اكتساب الوزن أثناء هذه الفترة.
عدم انتظام فترات النوم
عدم أخذ القسط الكافي من النوم حوالي من 6 إلى 8 ساعات، يُعرض الجسم إلى عدم إفراز الهرمونات بشكل منتظم مما يسبب زيادة في الوزن، وكذلك زيادة عدد ساعات النوم عن المعدل الطبيعي قد يسبب زيادة في الوزن أيضاً.
هناك بعض الإحصائيات التي ذكرت نسب السمنة في السعودية بين الفئات المختلفة، دعونا نتحدث عنها خلال السطور القادمة.
احصائيات السمنة في السعودية
أوضحت بعض الدراسات أن نسبة زيادة الوزن في السعودية تصل إلى 36.9%. وأن نسبة الرجال الذين يعانون من زيادة الوزن أعلى من النساء.
وكذلك أوضحت أن نسبة السمنة في السعودية تصل إلى 35.6%. وأن النساء أعلى نسبياً في السمنة من الرجال.
وهناك من يعانون من السمنة الشديدة من الرجال والنساء بنسبة 3.2%، وفي هذه الحالة يتعدى معدل كتلة الجسم 40 كجم/متر.
وصلت نسبة الأطفال الذين يعانون من السمنة إلى 9.3% من هم في سن المدرسة، و6% لمن هم دون سن المدرسة.
عندما تتعرض لأي مشكلة صحية مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع نسبة السكر بالجسم وتذهب لاستشارة الطبيب، غالباً ما ينصحك بتخفيف وزنك ما إن كنت تعاني من السمنة، وذلك لأن هناك علاقة وطيدة بين السمنة والمشاكل الصحية المختلفة.
ما هي علاقة السمنة بالصحة العامة للجسم؟
من المقولات الشهيرة التي نسمعها منذ الطفولة “العقل السليم في الجسم السليم”، حقاً إذ تؤثر السمنة على أنظمة الجسم المختلفة وتٌعرضه إلى العديد من الأمراض مثل:
- ارتفاع ضغط الدم مما قد يؤدي إلى حدوث جلطات، والسكتة الدماغية، وكذلك تسبب السمنة ارتفاع نسبة الكوليسترول ونسبة السكر بالدم مما يُزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب.
- أمراض الكبد، نتيجة تراكم الدهون حول الكبد مما قد يُضعف قيامه بوظائفه الحيوية.
- مشاكل أثناء النوم نتيجة صعوبة التنفس.
- الاكتئاب نتيجة عدم رضا الإنسان عن شكله ومظهره الخارجي.
- مشاكل بالجهاز الهضمي مثل الحموضة وارتجاع المرئ.
- مشاكل في الكلى عندما تجتمع السمنة مع ارتفاع ضغط الدم والإصابة بمرض السكري.
- الضغط الزائد على العظام، والعضلات، والعمود الفقري، والمفاصل مما قد يؤدي مع الوقت إلى مشاكل في الحركة.
- تُقلل السمنة أيضاً من نسبة حدوث الحمل، وكذلك تزيد من مشاكل الحمل وأعراضه.
ولذلك اتخذت المملكة بعض الإجراءات للحد من انتشار نسبة السمنة في السعودية.
الجهود المبذولة للسيطرة على السمنة في السعودية
أنشأت المملكة العربية السعودية البرنامج الوطني لمكافحة السمنة القائم على:
- رفع الوعي الصحي حول أخطار السمنة من خلال بعض المحاضرات الميدانية والحملات التوعوية عن السمنة ومخاطرها، وإدراج السمنة كأحد المواد الدراسية.
- الاهتمام بالنشاط البدني والتعامل معه كمادة أساسية إلزامية بين المراحل الدراسية المختلفة.
- حملات التوعية بأهمية النشاط البدني من خلال حملات التشجيع للمشي، وكذلك إنشاء الكثير من الحدائق العامة، وعمل مضامير للمشي بها.
- الاهتمام بنوعية الغذاء المقدم في المدارس.
- توفير خدمات رعاية للسمنة في مستشفيات الرعاية الثانوية والتخصصية، وإنشاء مراكز خاصة بالسمنة.
في نهاية هذا المقال أتمنى أن تنجح المملكة في التقليل من نسبة زيادة الوزن والسمنة في السعودية، وأدعوك عزيزي القارئ إلى الاهتمام بالغذاء الصحي الغني بالخضراوات والفواكه، والإقلال من تناول الوجبات السريعة مرتفعة السعرات، والاهتمام بشرب كمية كافية من الماء خلال اليوم، وأخذ القسط الكافي من النوم، وممارسة الرياضة بانتظام قدر الإمكان.