بقلم د . نعمه سويد
نعم نحن ضعفاء للدرجة التي تجعل ميكروب صغير لا يُرى بالعين المجردة يهزمنا بل ويطرحنا أرضاً ويسيطر علينا، وفي بعض الأحيان يجعلنا نعمل لصالح بقائه، هذا هو حالنا مع تلك المخلوقات الصغيرة منذ بدء الخليقة. جميلتي تقدم لك التهاب الحلق .
تتعايش بعض هذه الميكروبات مع أجسادنا بسلام في حال تمتعنا بجهاز مناعي سليم، بينما عند حدوث أي خلل في الجهاز المناعي فتهاجمنا تلك الكائنات الصغيرة. ومنها مايسبب التهاب الحلق وهو حديثنا في هذا المقال، سنتعرف على أهم أنواع التهاب الحلق، وأسبابه، وأعراضه، وطرق علاجه وكذلك طرق الوقاية منه.
ماهو التهاب الحلق وما هي أنواعه وأهم مسبباته؟
يعرف التهاب الحلق بوجود ألم أو تهيج واحتقان في الحلق ويزيد الألم مع البلع.
وقد يكون نتيجة ل :
- التهاب الحلق الفيروسي: نتيجة الإصابة بفيروس البرد أو الأنفلونزا أو التهاب البلعوم، وهوالأكثر انتشاراً وأقل خطورة وتزول أعراضه تلقائيا ولا يتطلب علاج.
- التهاب الحلق البكتيري: نتيجة الإصابة ببكتريا تسمى(streptococcus) البكتيريا العقدية، وهي أقل انتشاراً وأكثر خطورة وتتطلب العلاج بالمضادات الحيوية لمنع حدوث مضاعفات.
وقد يحدث احتقان الحلق نتيجة عدة أسباب من أهمها:
- ضعف المناعة: يؤدي ضعف المناعة إلى مهاجمة أنواع عديدة من البكتريا والفيروسات للجسم ومنها من تسبب التهاب الحلق.
- الحساسية: لبعض محفزات جهاز المناعة مثل الأتربة وحبوب اللقاح وبعض المواد الكيميائية والأدخنة.
- إجهاد عضلات الحلق: نتيجة كثرة الصراخ والصوت العالي.
- جفاف الحلق: نتيجة للتنفس عن طريق الفم لفترات طويلة عند انسداد الأنف نتيجة للزكام أو الزوائد اللحمية.
ما الفرق بين التهاب الحلق الفيروسي والتهاب الحلق البكتيري؟ وأيهما أشد خطورة؟
يوجد العديد من الفروق بين النوع الفيروسي والبكتيري نذكر منها ما يلي
1.التهاب الحلق الفيروسي:
يحدث نتيجة الإصابة بفيروس (Enteroviruses)، وتنتشر العدوى بين الأطفال الصغار( أقل من خمس سنوات) طوال العام خاصة في فترة الصيف والخريف، وتبدأ أعراضه بارتفاع درجة الحرارة وصعوبة البلع وكذلك ألم في الفم، وقد يعقبها ظهور طفح جلدي يظهر في صورة حبوب صغيرة مليئة بالسوائل، قد تظهر على اليدين والقدمين والبطن وحول الفم، وأيضاً قد تنتشر داخل الفم وتمتد للحلق مما يسبب ألم ويزيد من صعوبة البلع.
وفي حالة إصابة طفلك بالتهاب الحلق الفيروسي فإن استخدام المضادات الحيوية لن يكون الاختيار الأمثل؛ لأنه لن يجدي نفعاً، ولذلك قد يصف لك الطبيب فقط استخدام مسكن للآلام وخافض للحرارة. وفي هذه الحالة أكثري من إعطاء طفلك السوائل، بالإضافة للراحة التامة في المنزل حتى يزول الطفح الجلدي على الأقل وتتحسن حالة طفلك.
2. التهاب الحلق البكتيري: (Strep throat) العقدي
تتسبب في هذا النوع من الالتهاب نوع من البكتيريا يسمى (streptococcus pyogenes)، وهو أكثر انتشارا في الأطفال بين عمر 5 إلى 15 عاما، وأقل انتشاراً بين الرضع وحديثي الولادة، ويكثر في الشتاء وأوائل الربيع. ويعد أقل انتشاراً من الالتهاب الفيروسي ( يتسبب في نسبة 20-30% من التهاب الحلق ).
قد يهمك علاج التهاب الحلق عند الكبار والأطفال الرضع بالاعشاب والأدوية
تتضمن أعراضه مايلي:
- التهاب في الحلق.
- التهاب اللوزتين وقد يتكون صديد بهما.
- صعوبة في البلع.
- ارتفاع درجة الحرارة ( أعلى من 38.3 درجة مئوية).
- تورم في الرقبة والعنق نتيجة التهاب اللوزتين وتورم الغدد الليمفاوية.
- ألم في الرأس والبطن.
- فقدان الشهية نتيجة لصعوبة البلع.
- ألم في جسم الطفل كله يؤدي إلى فقد نشاط وحيوية الطفل.
كيفية انتقال العدوى: ينتقل التهاب الحلق البكتيري من طفل مصاب لطفل آخر عن طريق الجهاز التنفسي؛ فعند الكلام أو الكحة أو العطس ينتشر الرذاذ المحمل بالبكتريا في الهواء وينتقل لشخص آخر.
وغالبا ما تظهر أعراض الإصابة خلال يومين إلى خمسة أيام من حدوث العدوى.
ولذلك فإن الكثير من الإصابات تحدث في التجمعات مثل المدارس والأماكن العامة المغلقة، فحاولي جميلتي قدر الإمكان تجنيب طفلك تلك التجمعات عند الشك في وجود إصابات بها. كما تنتقل العدوى أيضا نتيجة استخدام الأدوات الشخصية للمصاب (الشوك والمعالق والمناشف). ولا تنتقل العدوى من الحيوان للإنسان أو العكس.
تشخيص الالتهاب البكتيري عند الأطفال:
سيقوم الطبيب بفحص حلق طفلك ليتعرف على الالتهاب، بفحص التهاب اللوزتين، وكذلك التأكد من وجود بقع بيضاء أو حمراء في فم الطفل. وللتأكد من سبب الالتهاب يقوم بعمل أحد الاختبارين التاليين أو كليهما:
- اختبار مولد الضد:(Antigen test): عن طريق أخذ مسحة من الحلق واختبار وجود الأجسام المسببة لنشاط الجهاز المناعي في الجسم، وتظهر النتيجة خلال دقائق. وفي حال عدم تأكد الطبيب من وجود البكتيريا المسببة سيقوم بعمل الاختبار التالي.
- مزرعة للحلق: يأخذ الطبيب مسحة أخرى من الحلق باستخدام قطنة، ويرسلها للمعمل للتأكد من نوع البكتيريا المسببة، وتحديد أفضل مضاد حيوي يمكن استخدامه للقضاء عليها.
طرق العلاج لالتهاب الحلق البكتيري:
في كثير من الأحيان لا يحتاج الالتهاب البكتيري لتناول المضادات حيوية، وقد يتغلب الجهاز المناعي لطفلك على الالتهاب، ويشفي الطفل بعد أيام وتزول الأعراض.
ولكن استخدام المضاد الحيوي يسرع من عملية الشفاء ويقلل من حدوث مضاعفات، كما يقلل من فرصة انتقال العدوى من الطفل لباقي أفراد الأسرة أو لأقرانه.
أهم المضادات الحيوية الفعالة المستخدمة فى حالة عدوى التهاب الحلق البكتيري (الالتهاب العقدي) هي
البنسلين والأموكسيسلين Amoxicillin :
يعد الاختيار الأول والأمثل في علاج الالتهاب البكتيري للحلق
الجرعة:
* للأطفال شراب 250 مجم ثلاث مرات يومياً لمدة عشرة أيام.
* للبالغين كبسولات 250 مجم أربعة مرات يومياً، أو 500 مجم مرتين يوميا لمدة عشرة أيام.
وفي حال إصابة طفلك بحساسية لمادة البنسلين استبدلي البنسلين بالسيفالكسين (Cephalexin) أو السفادروكسيل (Cephadroxil).
في أغلب الأحيان يفي استخدام المضاد الحيوي عن طريق الفم بالغرض، ولا يتطلب الأمر استخدام الحقن. ويبدأ الطفل الشعور بتحسن خلال يومين من بداية استخدام العلاج، وتقل الأعراض تدريجياً. وعند انخفاض درجة حرارة طفلك وتحسن الأعراض (خلال 24 ساعة من تناول المضاد الحيوي) يصبح غير ناقل للعدوى. كما يمكنه ممارسة حياته بشكل طبيعي.
كما يمكن استخدام خافض للحرارة ومسكن للآلام مثل الأسيتامينوفين والمعروف تجارياً بـ الباراسيتامول؛ لتخفيف آلام الطفل وتقليل درجة حرارته.
ولكن هناك خطأ فادح نقع فيه كباراً وصغاراً، وهو التوقف عن استخدام المضاد الحيوي حال شعورنا بتحسن. والذي قد يترتب عليه مايلي:
- عدم القضاء التام على البكتيريا المسببة وإعادة حدوث التهاب الحلق (Recurrence).
- تكون سلالات جديدة من البكتيريا مقاومة للمضاد الحيوي فيما يعرف ب (Penicillin resistance).
- حدوث مضاعفات والتي من أشهرها الحمى الروماتزمية.
الحمى الروماتيزمية:
في حال إهمال التهاب الحلق البكتيري وعدم استخدام المضاد الحيوي الصحيح في علاجه، تتجمع البكتيريا حول اللوزتين وقد تدخل إلى الدم، مما يدفع جهاز المناعة لتكوين أجسام مضادة لها، وهذه الأجسام المضادة قد تخطئ الهدف وتهاجم أعضاء الجسم ومنها القلب والمفاصل فيما يعرف بالحمى الروماتزمية.
ولذلك فإن استخدام المضاد الحيوي المناسب لفترة مناسبة يعد أفضل طريقة لتجنب طفلك الإصابة بها.
وهناك بعض المضاعفات الأخرى التي قد تحدث نتيجة إهمال علاج التهاب الحلق البكتيري عند الأطفال، ولكن نسبة حدوثها أقل من الحمى الروماتزمية ومنها:
- التهاب الكلى.
- التهاب الأذن الوسطى.
- الالتهاب السحائي.
- التهاب رئوي.
- تكون خراريج حول اللوزتين وأسفل الحلق.
بالإضافة لاستخدام المضاد الحيوي ومسكن الآلام، إليك بعض النصائح للتخفيف من ألم الطفل والإسراع من عملية الشفاء:
1- إبقاء حلق الطفل رطب: احرصي على تناول طفلك الماء بين الحين والآخر؛ لمنع جفاف الحلق والتقليل من صعوبة البلع.
2- الأطعمة سهلة البلع: اعطي طفلك أطعمة سهلة البلع مثل الشوربة وتجنبي الأطعمة التي قد تحتك في الحلق وتزيد التهابه وكذلك الأطعمة الحارة التي قد تزيد من تهيج الحلق.
3- أخذ قسط كاف من الراحة: راحة الجسم وعدم بذل مجهود يزيد من قوة مقاومة الجهاز المناعي للبكتيريا المسببة للالتهاب، ولذلك احرصي على حصول طفلك على قدر كافي من الراحة وعدم بذل مجهود
4- البعد عن الأتربة والأدخنة: عوادم السيارات والأتربة وكذلك دخان السجائر قد يثير الالتهاب مما يزيد الأمر سوءاً.
5- الغرغرة: الغرغرة بالماء والملح تعد من أبسط الطرق للقضاء على البكتيريا والحد من ألم الحلق، ولكن يصعب استخدامها للأطفال الصغار الغير واعين بكيفية استخدامها.
طرق الوقاية من التهاب الحلق عند الاطفال
1.غسل الأيدي: من أفضل العادات التي يجب أن تزرعيها في طفلك عادة غسل اليدين جيداً. فهي الطريقة المثلى لحمايته من الكثير من العدوى والأمراض لاسيما الالتهاب البكتيري للحلق، عوديه على غسل يديه جيدا بالماء والصابون بين الحين والآخر.
قد يهمك علاج التهاب الحلق للاطفال و الرضع بالاعشاب و استئصال اللوزتين
2.الأدوات الشخصية: استخدام الأدوات الشخصية لشخص مصاب هي طريقة لانتقال الكثير من الأمراض، لذلك علمي طفلك استخدام أدواته الشخصية وتجنب مشاركتها مع الآخرين، وفي حال وجود شخص مصاب بالمنزل يُفضل غسل أدواته الشخصية كالأطباق والملاعق بالماء الساخن والصابون.
3.الطريقة الصحيحة عند العطس: عودي طفلك أن يغطي فمه وأنفه عند الكحة أو العطس باستخدام المناديل، وفي حال عدم توافرها علميه كيف يكح أو يعطس بالطريقة الصحيحة كما هو موضح بالصورة
والآن جميلتي وقد تعرفتِ على أهم ما يتعلق بمرض التهاب الحلق من أسبابه وأعراضه وطرق علاجه وكذلك طرق الوقاية منه، نتمنى لكِ ولطفلك دوام الصحة والعافية.