الرضاعة الطبيعية للأطفال وحديثي الولادة، عناصر ومكونات لبن الأم

بقلم د . منال عماد الدين

إذا كنت أما جديدة أو على وشك الإنجاب فعليك الاهتمام بدراسة الرضاعة الطبيعية بعناية، لمعرفة أوضاعها الصحيحة، وفوائدها الكثيرة لك ولطفلك ومن خلال هذا المقال سنوفر لك نصائح للرضاعة الطبيعية المفيدة لكِ في بداية الأمومة.

لماذا الرضاعة الطبيعية افضل لطفلك

الرضاعة الطبيعية هي أول رباط نفسي وعاطفي يربط بين الأم ورضيعها فور خروجه إلى الحياة، تغذي جسمه وعقله وتنمو أنفاسه بين أحضانها، يرى الدنيا في عيونها فيستمد منها غذاء روحه وقلبه.

تشعر بأنفاسه تمس قلبها فتنسيها آلام حملها ومخاضها، وترى في عينيه أملا يدعوها لحياة جديدة.

الرضاعة الطبيعية هي الطريقة الفطرية والأساسية التي منحها الله تعالى للأم لتطعم وليدها.

يمد لبن الأم الرضيع بكل العناصر الغذائية التي يحتاجها جسمه على مدار أشهر حياته الأولى حتى يشتد عوده ويصبح بإمكانه تناول الأغذية المختلفة.

قد يهمك حساسية الالبان عند الرضع وأهم مشاكل الرضاعة الطبيعية و حليب الابقار

مكونات لبن الأم:

يتميز لبن الأم بتغير نسب مكوناته تلقائيا لتناسب احتياجات الرضيع في مراحله المختلفة. 

يتكون لبن الأم من أربعة مكونات رئيسية: البروتينات والدهون والنشويات والفيتامينات، يساهم كل منهم بدور في نمو الطفل وحماية جسمه من الأمراض المختلفة.

1- البروتينات.

• لاكتوفرين: له دور مهم في حماية المولود من نمو بعض أنواع البكتيريا الضارة مثل: السالمونيلا داخل القناة الهضمية.
• الأجسام المناعية المضادة (Ig A, Ig G, Ig M): تعزز الجهاز المناعي للطفل وتزيد قدرته على مقاومة البكتيريا والفيروسات، ويزيد تناول الأم للأسماك من تركيز هذه البروتينات في اللبن.
• الليزوزيم(Lysozyme): إنزيم يعمل على تكسير الجدار الخلوي للبكتيريا.
• عوامل البيفيدوس: تساعد على نمو بكتيريا اللاكتوباسيلس النافعة التي تحمي الطفل من العدوى بالبكتيريا الضارة.

2- الدهون.

ضرورية جدا لنمو وتطور الجهاز العصبي للرضيع، وامتصاص مجموعة الفيتامينات التي تذوب في الدهون.

3- الفيتامينات.

يعتمد وجود الفيتامينات في لبن الأم على ما تتناوله الأم يوميا من مغذيات.

لذا يجب عليها تناول غذاء صحي ومتوازن يحتوي على مختلف أنواع الفيتامينات: 

• القابلة للذوبان في الدهون مثل: فيتامينات D- E- K- A
• القابلة للذوبان في الماء مثل: فيتامينات C- B complex

4- النشويات.

تتمثل في سكر اللاكتوز الذي يعد المصدر الرئيسي لمد الرضيع بالسعرات الحرارية.

في الأيام الأولى من عمر المولود ينتج ثدي الأم سائل كثيف أصفر اللون يسمى السرسوب( الذهب السائل)، غني بالكربوهيدرات والبروتينات وبه قليل من الدهون، ويتميز بتركيز عالي من الأجسام المضادة وكريات الدم البيضاء التي تعزز الجهاز المناعي للطفل لحمايته من البكتيريا والفيروسات.

أقرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال(AAP)، ومنظمة الصحة العالمية( WHO) أهمية الاعتماد على لبن الأم فقط خلال الستة أشهر الأولى من عمر الطفل، تبدأ بعدها الأم في إدخال بعض أنواع الخضراوات والفاكهة تدريجيا مع الرضاعة.

تعد الرضاعة الطبيعية لحديثي الولادة أهم طريقة للتغذية إلا أن دورها لا يقتصر على تغذية الرضيع ونموه فقط إنما يمتد لفوائد عديدة يصعب حصرها قد تستمر معه مدى الحياة.

الرضاعة الطبيعية منذ الساعة الأولى للولادة لها فوائد عديدة للأم والطفل تعرفي عليها:

تعرفي على فوائد الرضاعة الطبيعية لحديثي الولادة؛ لتدركي عظم ما تقدمينه لطفلك:

1- تقوية الجهاز المناعي للطفل.

يحتوي لبن الأم على العديد من الأجسام المضادة والخلايا المناعية الموجودة داخل جسم الأم، وتساعد هذه البروتينات على تقوية الجهاز المناعي لدى الرضيع.

2- تجنب حدوث متلازمة الموت المفاجئ للرضع(Sudden infant death syndrome).

3- المحافظة على وزن الطفل في المعدلات الطبيعية.

تقل فرص الإصابة بالسمنة لدى الأطفال الذين اعتمدوا على الرضاعة من الأم مقارنة بأقرانهم الذين نشأوا على الألبان المصنعة.

4- يقل خطر إصابة الطفل بمرض السكري من النوع الأول والثاني.

5- إمداد الرضيع بكل العناصر الغذائية، بتركيزاتها المختلفة، بالقدر الذي يحتاجه خلال عامه الأول لضمان معدلات نمو مثالية.

6- زيادة معدلات ذكاء الطفل.

لا تقل أهمية الرضاعة للأم عن أهميتها بالنسبة للطفل إذ توفر للأم العديد من الفوائد الصحية والنفسية.

1- تساعد الرضاعة الطبيعية منذ الساعات الأولى بعد الولادة على عودة الرحم إلى وضعه وحجمه الطبيعي داخل الجسم.

أثناء الولادة يفرز الجسم هرمون يسمى الأوكسيتوسين، وتزيد الرضاعة من معدلات إفرازه، يعمل الأوكسيتوسين على زيادة انقباضات الرحم وتسهيل عملية انحسار الرحم(Involution) بعد الولادة، وتقليل النزيف.

2- تقليل معدلات الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.

تجعل الرضاعة طبيعيا الأم أقل عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، نتيجة لإفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يعمل على تقليل الشعور بالتوتر والانفعال وزيادة الترابط بين الأم ورضيعها.

3- حماية ضد الإصابة بالعديد من الأمراض.

أثبتت الأبحاث أن إرضاع الطفل لمدة تزيد عن عام تُزيد من فرص حماية الأم من الإصابة بالعديد من الأمراض الشائعة مثل: سرطان الثدي والمبيضين، وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، وزيادة نسبة الدهون بالدم، ومرض السكري من النوع الثاني، والتهاب المفاصل.

4- تمنع الرضاعة الطبيعية حدوث الحيض عند بعض النساء.

يتوقف التبويض والحيض عند بعض النساء أثناء عملية الرضاعة، ما يجنبهم آلام الحيض والنزف، ويعتبره البعض وسيلة طبيعية لمنع الحمل، لكن يجب التنبيه أنها وسيلة غير آمنة مطلقا.

5- تساعد الرضاعة على حرق الكثير من السعرات الحرارية، والتخلص من الوزن المكتسب خلال فترة الحمل.

6- توفر الكثير من الوقت والجهد.

باختيار الأم للرضاعة الطبيعية فإنها توفر إنفاق الكثير من الأموال على الألبان الصناعية، ومعاناة تحضيرها بدرجة حرارة مناسبة للطفل، وحساب جرعاتها والكميات المحددة التي يجب ألا يتخطاها الرضيع خلال اليوم، وتعقيم وتجهيز زجاجات الرضاعة الصناعية وإمكانية تلوثها وحدوث عدوى للطفل.

كيف يمكنك زيادة إفراز اللبن لضمان وصول رضيعك لمرحلة الشبع والحصول على نوم عميق؟

تعمل الرضاعة على حرق من 300 إلى 400 سعر حراري يوميا، لذلك من الضروري أن تهتم الأم بتناول الأطعمة المغذية التي تمدها بالطاقة اللازمة لإنتاج اللبن الكافي لتغذية الرضيع.

كيف تعرفي أن طفلك يحصل على ما يكفي من حليب الثدي؟

أهم الأطعمة التي تساعد على زيادة إفراز اللبن:

• الأطعمة الغنية بالبروتينات مثل: اللحوم الحمراء، والبيض، ومنتجات الألبان، والبقوليات كالفول والعدس، والمكسرات، واللحوم البيضاء كالأسماك بمختلف أنواعها.

• الحبوب الكاملة مثل: القمح، والشوفان، والشعير، والكينوا، والأرز البني، والذرة.

• الخضار والفاكهة المتنوعة.

من الضروري التأكد من غسلها جيدا للتخلص من آثار المبيدات الحشرية.

كما أن تناول الأطعمة المتنوعة له فائدة أخرى، إذ يغير من نكهة لبن الأم، مما يعطي فرصة للطفل ليتعرف على مختلف الأطعمة؛ مما يسهل عليه تقبلها لاحقا في مرحلة بداية تناول الأطعمة الصلبة. 

كما يعد الإكثار من السوائل كالماء والعصائر الطبيعية مهم جدا لزيادة إدرار اللبن، لكن كوني حذرة جميلتي من كمية السكر الموجودة في العصائر لتجنب زيادة الوزن.

ماذا إذا كنت جميلتي من متبعي الحمية النباتية؟ هل يعد ذلك عائقا يحول دون حصول رضيعك على التغذية الكافية؟

لا يوجد تعارض إطلاقا بين الحمية النباتية وإدرار اللبن بشكل كافي للرضيع، ينبغي عليك فقط الإكثار من الأطعمة الغنية بالحديد كالبقوليات والحبوب، والاهتمام بتناول الزبادي وحليب الصويا كمصادر مهمة للكالسيوم.

ينصح الأطباء بتناول أقراص فيتامين ب12 بشكل يومي، نظرا لأن تناول اللحوم الحمراء هو المصدر الأساسي لمد الجسم بفيتامين ب 12.

كما يجب الانتباه لتناول مكملات غذائية بها فيتامين د؛ ليتمكن الجسم من امتصاص الكالسيوم والاستفادة منه.

حالات تمنع فيها الرضاعة الطبيعية

مثلما تنتقل العناصر الغذائية والأجسام المناعية عبر اللبن من الأم إلى رضيعها فإن السموم وبعض الميكروبات قد تنتقل أيضا.

فإذا كنت تعانين من إحدى الحالات الآتية فعليك مراجعة طبيبك وسؤاله إذا كان بإمكانك إرضاع طفلك أم لا.

ممنوعات الرضاعة الطبيعية:

• عند الإصابة بفيروس الإيدز، لأنه قد ينتقل الفيروس للرضيع عبر اللبن.
• الإصابة بمرض السل.
• الخضوع للعلاج الكيميائي في حالة الإصابة بالسرطان.
• إدمان بعض المواد المخدرة.
• استعمال أدوية علاج مرض الزهايمر، والتهاب المفاصل.

الرضاعة الطبيعية وسرطان الثدي

كشفت الأبحاث الطبية التي أجريت على عدد كبير من النساء من مختلف الجنسيات والأعراق انخفاض معدلات الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تصل إلى 

• 4.3 % لكل 12 شهر من ممارسة الرضاعة الطبيعية.
• 7 % لكل ولادة.
• 14 % للنساء اللاتي قمن بالرضاعة الطبيعية مقارنة بغيرهم ممن اعتمدن على الألبان الصناعية.

يرجع تأثير الرضاعة الطبيعية على سرطان الثدي إلى عدة عوامل منها:

•  فترات الرضاعة التي تتوقف فيها دورة الطمث نتيجة لارتفاع هرمون البروجيستيرون.
• التقشير المستمر لأنسجة الثدي أثناء الرضاعة تساعد على التخلص من الخلايا التي بها طفرات وكذلك الأحماض النووية التالفة؛ مما يساعد في الحد من حدوث سرطان بالثدي.

الرضاعة الطبيعية والإسهال

هل تسبب الرضاعة الطبيعية الإسهال للطفل؟

بالرغم من أهمية الرضاعة الطبيعية وفوائدها العديدة للطفل، إلا أن هناك حالات نادرة يؤثر فيها لبن الأم بالسلب على الرضيع.

يعاني بعض الرضع من الحساسية تجاه بعض الأطعمة، وعندما تتناولها الأم تنتقل إلى الطفل عبر اللبن مسببة له أعراض الحساسية التي من ضمنها الإسهال والمغص.

للتخلص من هذه الأعراض يجب على الأم تجنب هذه الأطعمة التي تؤذي صغيرها، وتختلف هذه الأطعمة من طفل لآخر، لذا يجب على الأم الحريصة على استمرار الرضاعة أن تربط بين إصابة الطفل بالإسهال ونوعية الأطعمة التي تناولتها.

الرضاعة الطبيعية والمناعة

عليك جميلتي الأم الجديدة إدراك حجم العلاقة بين الرضاعة الطبيعية والمناعة، إذ تنتقل الأجسام المضادة لمختلف أنواع البكتيريا والفيروسات(Antibodies) من جسم الأم إلى الطفل.

من الأمراض التي تقل معدلات الإصابة بها أثناء الرضاعة الطبيعية: الإسهال الحاد، وعدوى الجهاز التنفسي، والتهاب الأذن، والنزلات المعوية.

كما تمتد مناعة الجسم لعدة سنوات بعد انتهاء الرضاعة ضد الكثير من الأمراض مثل: عدوى الجهاز التنفسي، التهاب الأذن، والمستدمية النزلية من النوع ب Haemophilus influenzae B.

كما ينتقل عبر لبن الأم بعض العناصر المناعية مثل الخلايا الليمفاوية من النوع ( ت) و( ب)، والعديد من السيتوكينات(Cytokines ) وعوامل النمو، كل هذه المواد تعمل على تحفيز وتنشيط الجهاز المناعي عند الطفل ليكون له القدرة على مواجهة الميكروبات المختلفة.

كما تلعب الرضاعة الطبيعية دورا في تقليل معدلات الإصابة بالأمراض المناعية(Autoimmune diseases) والأورام.

قد يهمك اعراض حساسية الالبان عند الكبار والأطفال الرضع وطرق العلاج والوقاية

معتقدات خاطئة عن الرضاعة الطبيعية:

1- يجب إبعاد الطفل الرضيع عن الأم بعد الولادة حتى تحصل على القسط الكافي من الراحة .. ولكن على العكس كما ذكرنا في بداية المقال فإن الاتصال الجسدي بين الأم والطفل مهم جداً بعد الولادة.

2- يجب القراءة عن الرضاعة الطبيعية قبل الولادة واستشارة متخصص رضاعة طبيعية بعد الولادة في حالة مواجهة صعوبة أو مشاكل في الرضاعة أو آلام وتشققات في الثدي.

3- اللبن الخفيف يُشبع الطفل ويمنحه كل العناصر الغذائية اللازمة ولا تستبدليه باللبن الصناعي، كما أن اللبن الخفيف الذي يظهر أحياناً في بداية الرضاعة يصبح أكثر كثافةً بالتدريج.

4- طفلك لا يشبع أمنحيه رضعة صناعية كي ينام .. تلك مقولة شهيرة خاطئة أغلب الأمهات لبنهن وحده كافي لإشباع الطفل ولا يحتاج لأي رضعات صناعية.

5- كثرة تناول الطعام لا يزيد من كثافة لبن الأم، ولكن شرب الماء مع تناول وجبات كاملة تحتوي على جميع العناصر الغذائية بكميات معقولة كافي.

ما الأمور التي يجب أن تتجنبها الأم للحفاظ على صحة رضيعها؟

أهم المأكولات التي يجب على الأم تجنبها خلال فترة الرضاعة الطبيعية:

• الأسماك كبيرة الحجم لاحتمالية احتوائها على نسبة كبيرة من الزئبق، الذي يضر الجهاز العصبي للأطفال.
• الأطعمة الحارة التي تحتوي على الكثير من التوابل،  إذ يظهر طعمها في اللبن ولا يتقبله بعض الرضع.
• البقوليات من الأطعمة التي قد تسبب المغص والانتفاخ للرضع.
• المشروبات الكحولية.

نصائح مهمة للمرأة أثناء فترة الرضاعة الطبيعية:

يجب التقليل من المأكولات السابق ذكرها قدر الإمكان، وفي حالة تناولها يجب عدم إرضاع الطفل لمدة لا تقل عن أربع ساعات حتى يتمكن الجسم من التخلص منها وضمان عدم انتقالها للطفل عبر اللبن.

كما يجب التنبيه على أن الإكثار من تناول الكحوليات حتى مع التخلص من اللبن بعدها قد يصيب الرضيع بمتلازمة الموت المفاجئ للرضع.
المشروبات المنبهة المحتوية على مادة الكافيين، إذ تؤثر على نوم الطفل وحالته المزاجية.

الأطعمة التي تسبب حساسية لطفلك، ففي حالة تحسس الطفل من الألبان يجب على الأم الابتعاد تماما عن تناول الألبان ومنتجاتها.