بقلم د . سارة عبدة
تحرص كل أُم على سلامة أطفالها وإعطائهم التغذية السليمه وإنشائهم نشأة صحية. ولكن عند اكتشاف إصابة أطفالها بمتلازمة حساسية الالبان فالأمر يختلف كلياً، ولا يكون الاختلاف في نمط حياة الطفل فقط ولكن يشمل الأُم أيضاً.
سنُلقي الضوء في هذا المقال في جميلتي على كل ما يتعلق بحساسية الالبان عند الرضع وصغار الأطفال، وعلاقتها بالرضاعة الطبيعية، وأعراضها، وطرق الوقاية منها.
حساسية الالبان والرضاعة الطبيعية
لا شك في أهمية الرضاعة الطبيعية في تقوية مناعة الطفل عن طريق إمداده بالأحماض الأمينية، الفيتامينات، الحديد والمعادن اللازمة لنموه، ولكن قد تشكل الرضاعة الطبيعية خطراً جسيماً مهدداً لحياة الطفل إذا شُخص بحساسيته ضد بروتينات الحليب البقري ومشتقاته.
ما هي حساسية الالبان ؟
- هي استجابة غير طبيعية لجهاز المناعة ضد بروتينات اللبن ومشتقاته، وتحديداً اللبن البقري وربما يظهر رد الفعل هذا ضد أنواع أُخرى من الألبان مثل ألبان الماعز، والجاموس، والأغنام وغيرها من الثدييات.
- تُعد حساسية الالبان أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعاً بين الأطفال، وتصل نسبة الإصابة بها إلى 2-3 % بين الرضع وصغار الأطفال، قد يتخلصون منها نهائياً عند بلوغ الثالثة من العمر وقد تستمر معهم إلى سن الثامنة وأحياناً إلى البلوغ، ويعتمد استمرار الإصابة بها على:
⇪⇪ وجود تاريخ مرضي للإصابة بحساسية الالبان في العائلة خاصةً عند الأبوين والأقارب من الدرجة الأُولى.
⇪⇪ مدى كفاءة جهاز المناعة ودرجة تحفيزه لدى الطفل.
آلية عمل جهاز المناعة ضد حساسية الالبان
- الحساسية بوجه عام هي عبارة عن تفاعل جهاز المناعة مع بعض المواد البيئية، والتي غالباً ما تكون غير ضارة لمعظم الناس، هذا التفاعل هو المسؤل عن ظهور الأعراض التحسسية لبعض المواد مثل حليب الأبقار المسئول عن حساسية الالبان عند الأطفال الرضع .
- يقوم جهاز المناعة بالتفاعل مع بروتينات الحليب البقري على أنها أجسام ضارة، ويعمل على مقاومتها عن طريق إنتاج أجسام الجلوبيولين المناعية IgE، والتي بدورها تتعرف على بروتينات الالبان عند دخولها الجسم مرة أُخرى.
- تبدأ هذه الأجسام المناعية بإرسال إشارة إلى الجهاز المناعي ليقوم بدوره في إفراز بعض المواد الكيميائية مثل الهيستامين والجلوبيولين، وهي مواد مسئولة عن ظهور أعراض حساسية البروتين البقري عند زيادة نسبتُها في دم الطفل والتي تُفرز في كل مرة يتناول فيها الحليب البقري.
ما هي مكونات الحليب؟
⇪⇪يتكون الحليب من ثلاث مكونات أساسية وهي بروتينات الحليب، وسكر اللاكتوز، ودهون الحليب بالإضافة إلى بعض المعادن.
⇪⇪يوجد نوعان من بروتينات الحليب وهما:
- الكازين (خثارة الحليب) وهو الجزء الصلب من بروتينات الحليب.
- بروتين مصل الحليب وهو الجزء السائل الذي يتبقى بعد تخثُر الحليب.
- تقوم الأُم بنقل الإصابة بحساسية الالبان إلى طفلها إذا كانت تتناول الحليب البقري في غذائها اليومي.
- قد يتحسس الطفل من نوع واحد من بروتينات الالبان وأحياناً كليهما.
أعراض حساسية الالبان عند الرضع
⇪⇪تختلف أعراض حساسية الالبان عند الرضع باختلاف رد فعل جهازهم المناعي وكمية الحليب التي تم تناولها.
⇪⇪وتتراوح حدة الأعراض ما بين بسيطة ومتوسطة وحادة والتي تُعرف باسم الحساسية المفرطة (Anaphylaxis).
⇪⇪يأتي الحليب البقري المسئول عن الإصابة بالحساسية المفرطة في المرتبة الثالثة بعد الفول السوداني والجوز.
⇪⇪لا يجوز إهمال تلك الحساسية حتى لا تتفاقم أعراضُها وتصبح خطرة ومهددة للحياة، ويجب الإسراع في التوجه إلى أقرب مستشفى ومباشرة العلاج.
⇪⇪تظهر الأعراض التحسُسية في الفترة ما بين 3 دقائق وساعتين عند تناول الحليب أو إحدى مشتقاته، وربما يتأخر الظهور حتى 48 ساعة.
⇪⇪قد يُصاحب أعراض حساسية الالبان عند الرضع أعراض تحسُسية أُخرى مثل التي يُسببها الصويا، والقمح، والسمك، والبيض والفول السوداني.
قد يهمك اعراض حساسية الالبان عند الكبار والأطفال الرضع وطرق العلاج والوقاية
⇪⇪تُلحق حساسية الحليب البقري الضرر بعدة أجهزة وهى:
الجهاز الهضمي
- تبدأ أعراض الجهاز الهضمي في الظهور مباشرةً فور انتهاء الطفل من حصوله على رضعته الطبيعية، وخاصةً إذا كانت أُمه تتناول الحليب البقري في نظامها الغذائي وتشمل:
- البكاء المستمر وبصق اللبن وعدم رغبة الطفل في استكمال الرضاعة.
- آلام المعدة وتشنجات البطن.
- القيء وانخفاض الضغط الملحوظ.
- البراز الدموي.
- الإسهال المستمر.
- أنيميا نقص الحديد.
- بطء النمو عند الرضع.
الجهاز التنفسي
- تورم الأغشية المخاطية وصعوبة التنفس.
- وجود صفير (wheeze) في الصدر.
- العطس المستمر.
الأعراض الجلدية
- وتشمل:
- طفح مثير حول الفم عقب الرضاعة مباشرةً، وفي منطقة الذقن بسبب التلامس مع الحليب.
- احمرار العين ووجود تورم في الجفن.
- التهاب شديد في منطقة الحفاض.
- تورم الشفاه واللسان.
الأعراض المستقبلية:
قد تتطور أعراض حساسية الالبان عند الرضع لتشمل نمو الطفل والتأثير بشكل سلبي على ذكائه ومعدل تركيزه ومدى الاستيعاب في المستقبل في حال إهمالِها.
مضاعفات حساسية الحليب البقري
يزداد خطر الإصابة بمضاعفات حساسية الحليب البقري خاصةً عند الرضع مع تكرار الإصابة به وتشمل تلك المضاعفات:
⇪⇪آلام القولون الشديدة
⇪⇪الربو التحسسي
⇪⇪الإكزيما
⇪⇪الإصابة بأنواع أُخرى من الحساسية مثل حساسية حمى القش وهي نوع شائع من الحساسية يحدث نتيجة وبر الحيوانات الأليفة، الغبار والقمح.
⇪⇪زيادة نسبة الوفيات نتيجة الإصابة بالحساسية المفرطة والتي يزداد خطرُها مع عدة عوامل:
- وجود تاريخ مرضي عائلي للإصابة بهذا النوع من الحساسية.
- صغر عمر الطفل المصاب وعدم اكتمال نضج جهازه الهضمي.
- إصابة الأطفال بالتهاب الجلد التأتبي.
كيفية تشخيص متلازمة حساسية حليب الأبقار
يتم تشخيص متلازمة حساسية حليب الأبقار عن طريق:
- الفحص السريري لجميع أعراض الحساسية.
- أخذ التاريخ المرضي الكامل للطفل المصاب وأيضاً التاريخ المرضي للعائلة.
- الفحوصات المخبرية المخصصة لهذا النوع من الحساسية مثل فحص نسبة الجلوبيولين في دم الطفل.
- عمل منظار داخلي لأخذ عينة من جدار الأمعاء للكشف عن وجود التهاب تحسسي كاستجابة غير طبيعية للجهاز المناعي.
- فحص التحدي وهو فحص يتم فيه استبدال حليب الأبقار بنوع آخر من الحليب ومتابعة ظهور الأعراض التحسسية، ثم العودة مرة أُخرى لتناول حليب الأبقار، في حال عودة الأعراض التحسسية مرة أُخرى يجب الإسراع في وضع خطة علاجية لتفادي الإصابة بها، يتم إجراء هذا الفحص في مستشفى آمن ومتخصص.
- الفحص الجلدي: يعد هذا الفحص الأفضل على الإطلاق وذلك لعدة عوامل:
⇪⇪دقة نتائجه.
⇪⇪ تكلفته الزهيدة.
⇪⇪سرعة الحصول على النتائج.
⇠يتم إجراء هذا الفحص عن طريق حقن ذراع الطفل بكميات قليلة من البروتين المتواجد في الحليب البقري والانتظار لمدة 15 دقيقة، تظهر الاستجابة غير الطبيعية لجهاز المناعة في شكل احمرار وتورم في مكان الحقن.
⇠أحياناً تكون نتيجة الاختبار سلبية في معظم الأطفال الرضع الذين يعانون من رد الفعل التحسسي للحليب البقري .
كيفية الوقاية وعلاج حساسية الالبان
حساسية الألبان والرضاعة الطبيعية
⇪⇪تُعد الرضاعة الطبيعية الحل الأمثل لعلاج الأطفال الرضع المصابين بحساسية الالبان، ولكن يجب على الأُم تجنب الحليب البقري ومشتقاته في نظامها الغذائي طوال فترة الرضاعة، إذا لم يظهر على الرضيع أي تحسن من أعراض الحساسية خلال 8 أسابيع، فمن المحتمل وجود نوع أخر من الحساسية المصاحبة لحساسية الالبان مثل حساسية الصويا وغيرها.
⇪⇪يبدو الأمر صعباً في بدايته لأن الحليب يعتبر العامل الأساسي في كثير من الأطعمة التي نتناولها.
⇪⇪يُنصح بتجنب بعض الأطعمة مثل:
- اللبن الكامل والخالي من الدسم.
- الحليب المكثف، والمبخر و المجفف.
- حليب الأُرز للأطفال دون سن الرابعة.
- الزبدة، والزبادي، والجيلاتين.
- الأغذية المصنعة من مشتقات الحليب مثل المخبوزات، واللحوم المصنعة وأيضاً حبوب الإفطار.
⇪⇪يُنصح بتناول الأغذية الغنية بالكالسيوم كحل تعويضي مثل البروكلي، وأسماك السالمون، والسردين.
⇪⇪يُنصح بإعطاء فيتامين دال بمعدل 600 وحدة دولية في اليوم للأُمهات اللاتي يعتمدن على الرضاعة الطبيعية، مع وجود نظام غذائي صارم خالي من الحليب البقري ومشتقاته.
⇪⇪يُفضل اللجوء إلى بعض بدائل حليب الأبقار لتعويض الكالسيوم الذي تحتاجه الأُم والطفل، والاستعاضة عن البروتين الحيواني بآخر من مصدر نباتي مثل:
- حليب جوز الهند: يتشابه حليب جوز الهند في مكوناته مع الحليب البقري، كما أنه غني بالدهون المعززة لعملية التمثيل الغذائي، ولكنه يحتوي على القليل من البروتين.
- حليب اللوز: وهو حليب غني بالمعادن والفيتامينات التي يحتاجها الجسم، ولكن يُفضل ألا يستخدم في الطهي أو الخبز.
- حليب الصويا: يُعد حليب الصويا الأقرب في تكوينه من تكوين الحليب البقري، ويُنصح بتناول كوب واحد منه يومياً للحصول على تغذية جيدة، ولكن يصاحب حليب الصويا العديد من العيوب أبرزُها:
⇠لا يُنصح باستخدامه مع الأطفال الذكور أقل من 6 شهور وذلك لأنه:
⇷يزيد من نسبة الهرمونات الأُنثوية.
⇷يقلل نسبة الخصوبة لديهم.
⇷توجد نسبة تصل إلى 3% في الرضع المصابين بحساسية الالبان لديهم حساسية من حليب الصويا.
- حليب الأرز: يُفضل عدم استخدامه للأطفال دون سن الرابعة لوجود مخاوف من احتوائه على الزرنيخ الطبيعي.
⇪⇪عند لجوء الأٌم للرضاعة الصناعية يُفضل :
⇠استخدام التركيبات الخالية من الحليب البقري، والتي تعتمد في تكوينها على الأحماض الأمينية والإنزيمات التي تستخدم في تحليل بروتينات اللبن.
⇠استخدام الحليب الصناعي المحلل بشدة حيث أنه يعمل على تفتيت بروتين الحليب البقري إلى قطع صغيرة مما يقلل نظرياً من خطر حساسية الالبان عند الرضع.
⇠يحتاج الطفل الرضيع إلى 600 مللي من الحليب الصناعي لسد احتياجاته اليومية من الحليب.
⇪⇪ في حال تفاقم أعراض الحساسية، وعدم القدرة على السيطرة عليها، يُرجى الإسراع في التوجه إلى غرفة الطوارئ في أقرب مستشفى، وحقن الطفل بالأدرينالين لإسعافه حيث أنه موسع قوي للعضلات لمنع انسداد المجاري التنفسية في حالة الحساسية المفرطة.
⇪⇪قد يحتاج الطفل إلى حقن الأدرينالين لفترة طويلة في حال تطور حساسية الالبان إلى الحساسية المفرطة وزيادة حدة الأعراض.
⇪⇪يُفضل ارتداء قلادة أو سوار طبي تعريفي للمحيطين بأن هذا الرضيع لديه حساسية ضد الحليب البقري.
طرق الوقاية من حساسية حليب الأبقار
الوقاية هي أفضل الطرق لتجنب حساسية الالبان، ويجب اتباع التالي:
- تحديد الأطعمة الواجب تجنبها، وتسجيل الأطعمة التي تناولها الطفل ورد الفعل التحسسي تجاهها.
- قراءة الملصقات الموضوعة على الأغذية المعلبة، ومعرفة المكونات الداخلة في تصنيعها.
- بعض الأغذية يدخل في تكوينها مصادر خفية لحليب الأبقار مثل:
⇠مصل اللبن، الشيكولاتة، الكراميل، نكهة الزبدة والجبن الصناعية.
⇠ تحتوي بعض الماركات من أسماك التونة المعلبة على بروتين الحليب الكازين.
⇠يضاف الحليب إلى المحار للحد من رائحته.
⇠بعض الأدوية يدخل في تركيبها الحليب البقري.
- السؤال عن مكونات الطعام عند طلبه من المطاعم ومعرفة مصادر منتجات الالبان.
- للحد من أعراض الحساسية بوجه عام يُنصح بتناول بعض المواد الغذائية مثل الطماطم، الكوسة، الباذنجان، الفاصوليا، وذلك لأنها:
⇠ غنية بالفيتامينات التي تقلل من انتفاخ مجرى التنفس.
⇠تزيد من ليونة المخاط داخل الرئتين مما يسهل عملية خروجه عن طريق السُعال.
- العلاج المناعي لعلاج حساسية الغذاء بشكل عام بما في ذلك حساسية الالبان عند الرضع.